للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخفت عليك [ولا] [١] ولد لي سواك، وهذه المرأة ليست بولود فتزوج إحدى بنات عمك لعل الله أن يرزقك ولدا تقر به عينك وأعيننا، فقال قيس: لست متزوجا غيرها أبدا، قال أبوه، فتسر بالإماء، قال: ولا أسوءها بشيء والله أبدا، قال أبوه: فإني أقسم عليك إلا طلقتها، فأبى وقال: الموت عندي والله أسهل من ذلك، ولكني أخيرك خصلة من [ثلاث] [٢] خصال، قال: وما هي؟ قال: تتزوج/ أنت فلعل الله أن يرزقك ولدا غيري، قال: ما في فضلة لذلك، قال: فدعني أترحل عنك بأهلي واصنع ما كنت صانعا لو مت في علتي هذه، قال: ولا هذه، قال: فأدع لبنى عندك وارتحل عنك فلعلي أسلوها فإني ما أحب [٣] بعد أن تكون نفسي طيبة فإنها في خيالي، قال: لا أرضى أو تطلقها، وحلف لا يكنه سقف أبدا حتى يطلق لبنى. وكان يخرج فيقف في حر الشمس، فيجيء قيس فيقف إلى جانبه فيظله بردائه ويصطلي هو بحر الشمس ثم يدخل إلى لبنى فيعانقها ويبكي وتبكي هي معه، وتقول له: يا قيس، لا تطع أباك فتهلك وتهلكني، فيقول: ما كنت لأطيع فيك أحدا أبدا.

فيقال: إنه مكث لذلك سنة، وقيل: عشرين سنة، وهجره أبواه لا يكلمانه، فطلقها، فلما طلقها استطير عقله، ولحقه مثل الجنون، وجعل يبكي، فبلغها الخبر فأرسلت إلى أبيها ليحتملها، فأقبل أبوها بهودج وإبل، فقال قيس: ما هذا؟ فقالوا: لبنى ترحل الليلة أو غدا، فسقط مغشيا عليه ثم أفاق، وجعل يقول [٤] :

وإني لمفن دمع عيني بالبكا ... حذار الذي قد كان أو هو كائن

وقالوا غدا أو بعد ذاك بليلة ... فراق حبيب لم يبن وهو بائن

وما كنت أخشى أن تكون منيتي ... بكفيك إلا أن ما حان حائن

وقال:

يقولون لبنى فتنة كنت قبلها ... بخير فلا تندم عليها وطلّق


[١] ما بين المعقوفتين: من هامش الأصل.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناها من الأغاني.
[٣] في ت: «فآتي ما تحب» .
[٤] الأبيات في الأغاني ٩/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>