للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطاوعت أعدائي وعاصيت ناصحي ... وأقررت عين الشامت المتخلق

وددت وبيت الله أني عصيتهم ... وحملت في رضوانها كل موثق

وكلفت خوض البحر والبحر زاخر ... أبيت على أثباج موج مغرق

كأني أرى الناس المحبين بعدها ... عصارة ماء الحنظل المتفلق [١]

/ فتنكر عيني بعدها كل منظر ... ويكره سمعي بعدها كل منطق

وسقط غراب قريبا منه فجعل ينعق مرارا، فتطير منه وقال:

لقد نعق [٢] الغراب ببين لبنى ... فطار القلب من حذر الغراب

وقال غدا تباعد دار لبنى ... وتنأى بعد ود واقتراب

فقلت تعست ويحك من غراب ... وكان الدهر سعيك في تباب

فلما ركبت هودجها تبعها وقال:

ألا يا غراب البيت هل أنت مخبري ... بخير كما خبرت بالنأى والشر

وقلت كذاك الدهر ما زال فاجعا ... صدقت وهل شيء بباق على الدهر

ثم علم أنهم يمنعونه منها، فوقف ينظر إليهم حتى غابوا، فكر راجعا ينظر إلى [أثر] [٣] خف بعيرها يقبله ويقبل موضع مجلسها وأثر قدمها فعنفوه [٤] على تقبيل التراب، فقال:

وما أحببت أرضكم ولكن ... أقبل إثر من وطئ الترابا

لقد لاقيت من كلفي بلبنى ... بلاء [٥] ما أسيغ له شرابا

إذا نادى المنادي باسم لبنى ... عييت فما أطيق له جوابا

وقال له بعض الأطباء: منذ كم وجدت بهذه المرأة ما وجدت؟ فقال:

تعلق روحي روحها قبل خلقنا ... ومن بعد ما كنّا نطافا وفي المهد


[١] في ت: «المتعلق» .
[٢] في الأغاني: «لقد نادى» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الأغاني ٩/ ٢١٧.
[٤] في ت: «فعزموه» .
[٥] في ت: «ثلاثة» . خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>