للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فزاد كما زدنا فأصبح ناميا ... وليس إذا متنا بمنصرم [١] العهد

ولكنه باق على كل حادث ... وزائرنا في ظلمة القبر واللحد

فقال له الطبيب: إن مما يسليك عنها أن تذكر مساوئها وما تعافه النفس منها من أقذار بني آدم، فقال:

إذا عبتها شبهتها البدر طالعا ... وحسبك من عيب لها شبه البدر

لقد فضلت لبنى على الناس مثلما ... على ألف شهر فضلت ليلة القدر

إذا ما مشت شبرا من الأرض أرجفت ... من البهر حتى ما تزيد على شبر

لها كفل يرتج منها إذا مشت ... وقد كغصن البان منضمر [٢] الخصر

فدخل أبوه والطبيب عنده، فجعل يعاتبه ويقول: يا بني الله الله في نفسك، فإنك إن دمت على هذا مت.

فقال:

وفي عروة العذري إن مت أسوة ... وعمرو بن عجلان الذي قتلت هند

وبي مثل ما ماتا به غير أنني ... إلى أجل لم يأتني وقته بعد

وقال:

هل الحب إلا عبرة بعد زفرة ... وحر على الأحشاء ليس له برد

وفيض دموع تستهل إذا بدا ... لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو

قال: فلما طال على قيس ما به أشار قومه على أبيه أن يزوجه امرأة جميلة لعله يسلوبها، فدعاه إلى ذلك فأبى، فأعلمهم أبوه بما رد عليه، فقالوا له: مره بالمسير في أحياء العرب والنزول عليهم لعله يبصر امرأة تعجبه، فأقسم عليه أن يفعل، فسار حتى نزل بحي فرأى جارية كالبدر، فقال: ما اسمك يا جارية؟ فقالت: لبنى، فسقط على وجهه فارتاعت، وقالت: إن لم يكن هذا قيس بن ذريح، إنه لمجنون، فلما أفاق سألته أن يصيب من طعامهم، فأكل وارتحل، فأتى أخوها فرأى مناخ الناقة فلحقه فرده، فلم


[١] في الأصول: «وليس وإن متنا بمنقصم» .
[٢] في ت والأغاني «مفطمر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>