للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزل به حتى زوجه من أخته، فلما زفت إليه لم يلتفت إليها، وبلغ حديثه لبني، فقالت:

إنه لغدار ولقد كنت أمتنع من التزويج فالآن أتزوج، فزوجت، فاشتد جزعه.

وإن أبا لبنى شخص إلى معاوية فشكى إليه، وإنه يتعرض للبنى بعد الطلاق، فكتب/ إليه بإهدار دمه، فبعثت لبنى إليه تحذره، فقال:

فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها ... مقالة واش أو وعيد أمير

فلن يمنعوا عيني من دائم البكا ... ولن يذهبوا ما قد أجن ضميري [١]

إلى الله أشكو ما ألاقي من الهوى ... ومن حرق [٢] تعتادني وزفير

ومن حرق للحب في باطن الحشى ... وليل طويل الحزن غير قصير

وكنا جميعا قبل أن يظهر الهوى ... بأنعم حالي غبطة وسرور

فما برح الواشون حتى بدت لهم [٣] ... بطون الهوى مقلوبة لظهور

لقد كنت حسب النفس لو دام وصلنا ... ولكنما الدنيا متاع غرور

ثم حج بعد ذلك وحجت، فلقيها فوقف باهتا، وبعثت إليه بالسلام. ثم إنه اقتطع قطعة من إبله وأعلم أباه أنه يريد بها المدينة ليبيعها ويمتار لأهله بثمنها، فعرف أبوه [أنه] [٤] إنما يريد لبنى، فعاتبه فلم يقبل، وقدم المدينة، فبينا هو يعرضها [إذ] [٤] ساومه زوج لبنى بناقة منها وهما لا يتعارفان، فباعه إياها، فقال: إذا كان في غد فاتني في دار كثير بن الصلت فاقبض الثمن، فمضى، وقال زوج لبنى لها: إني ابتعت ناقة من رجل بدوي وهو يأتينا غدا ليقبض الثمن، فأعدي له طعاما. ففعلت، فلما كان من الغد جاء فصوت بالخادم وقال: قولي لسيدك: صاحب الناقة بالباب، فعرفت لبنى نغمته فلم تقل شيئا، فقال زوجها للخادم: قولي له يدخل، فدخل فجلس، فقالت لبنى للخادم:

قولي له: مالك أشعث أغبر، فقالت له، فتنفس وقال: هكذا تكون حال من فارق الأحبة، وبكى. فقالت لبنى: قولي له: حدثنا حديثك، فلما ابتدأ يحدث كشفت


[١] في الأصل: «ضمير» ، وما أوردناه من ت، والأغاني ٩/ ٢٣٣.
[٢] في الأصول: «ومن كرب يعتادني» ، وما أوردناه من الأغاني.
[٣] في الأصول: «حتى بدت لنا» . وما أوردناه من الأغاني.
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من الأغاني ٩/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>