للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربي عز وجل، اللَّهمّ إني لا أقول هذا تزكية [مني لنفسي] ، أنت أعلم/ بي، ولكن أقوله تعزية لأمي لتسلو عني. فقالت: إني لأرجو من الله عز وجل [١] أن يكون عزائي فيك حسنا إن تقدمتني، أخرج حتى أنظر ما يصير أمرك، فقال: جزاك الله يا أماه خيرا، ولا تدعي الدعاء لي قبل وبعد. فقالت: لا أدعه أبدا، فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق. ثم قالت: اللَّهمّ ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل، وذلك النحيب في الظلماء [٢] ، وذلك الصوم في هواجر المدينة ومكة، وبره بأبيه وبي، اللَّهمّ إني قد أسلمته لأمرك فيه ورضيت بما قضيت فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين.

وفي رواية أخرى: أنه دخل عليها وعليه الدرع والمغفر، فوقف فسلم ثم دنا فتناول يدها فقبلها، فقالت: هذا وداع فلا تقعد [٣] ، فقال: جئت مودعا، إني لأرى هذا آخر أيامي من الدنيا، واعلمي يا أماه أني إن قتلت فإنما أنا لحم لا يضرني ما صنع بي، قالت: صدقت يا بني، أتمم على نصرتك، ولا تمكن ابن أبي عقيل منك، ادن مني أودعك. فدنا منها فودعها وقبلها وعانقها، وقالت حيث مست الدرع: ما [هذا] [٤] صنيع من يريد ما تريد، قال: ما لبست [هذا] [٥] الدرع [٦] إلا لأشد منك، قالت: فإنه لا يشد مني.

ثم انصرف وهو يقول:

إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر

ثم إن القوم أقاموا على كل باب رجالا وقائدا، فشحنت الأبواب بأهل الشام، وكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة، ولأهل دمشق باب بني شيبة، ولأهل الأردن باب الصفا، ولأهل فلسطين باب بني جمح، ولأهل قنسرين باب بني سهم،


[١] في الأصل: «من عند الله عز وجل» وما أوردناه من ت، والطبري.
[٢] في الطبري: «النحيب في الظمأ» .
[٣] في ت. والطبري. «تبعد» .
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[٥] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[٦] «ما هذا صنيع من يريد ما تريد، قال: ما لبست هذا الدرع» ساقط من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>