للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إفراجة واحدة عن صحن المسجد، وإذا هم به يمشي، عليه عمامة حمراء قد تلثم بها وهو متنكب قوسا له عربية [١] وهو يؤم المنبر [٢] ، قال: فما زلت أرميه ببصري حتى جلس [٣] على المنبر ما يحدر لثامه، ولا ينطق حرفا، وأهل الكوفة يومئذ ذو حالة حسنة وهيئة جميلة، في عز ومنعة، فكان الرجل يدخل المسجد ومعه الخمسة والعشرة والعشرون من مواليه وأتباعه عليهم الخزوز والقوهية، وفي المسجد يومئذ عمير بن ضابىء البرجمي، وعبد الرحمن بن محمد الأشعث، ومحمد بن عمير بن حاجب بن زرارة الحنظلي، فابتدرنا عمير، فقال: أحصبه لكم، فقلنا: لا حتى نسمع ما يقول، فأبى عمير إلا أن يحصبه، فمنعناه، فقال: لعن الله بني أمية حيث يستعملون مثل هذا، وضيع والله العراق حيث صار مثل/ هذا عليها واليا، فو الله لو كان هذا كله كلاما ما كان شيئا.

والحجاج ساكت ينظر يمينا وشمالا، فلما رأى المسجد قد غص بأهله، قال: اجتمعتم، فلم يرد عليه أحد شيئا، فقال: كأني أرى قدر اجتماعكم، فقال رجل من القوم: قد اجتمعنا أصلح الله الأمير، فسكت هنيهة، فلما رأى القوم أنه لا يحير جوابا قال بعضهم لبعض: ما يمنعه من الكلام إلا العي، وأهووا بأيديهم إلى الحصى ليحصبوه بها، ففطن الحجاج فوثب قائما وقد أحاط بالمسجد مائتا طائل، ومائتا دارع، ومائتا جاشن، ومائتا سائف، ومائتا رامح، على الطائلة سويد بن عدية العجلي، وعلى الدارعة السكن بن يوسف الثعلبي، وعلى السائفة بدر بن مدركة اليشكري، وعلى البرامجة عطية بن حويرثة [٤] الأصبحي، فكان مما راعهم ذلك وأفزعهم، فأومأ الحجاج إلى الطائلة أن اسكتوا فسكتوا، فقال: أفعلتموها يا أهل العراق ويا أهل العير الداجنة أنا الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن عامر بن مسعود عظيم القريتين ابن معتب بن مالك بن عوف بن قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن غيلان بن مضر، ثم قال:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني


[١] في الأصل: «وهو متنكبا له قوسا عربية» وما أوردناه من ت.
[٢] في الأصل: «فأم المنبر» ، وما أوردناه من ت.
[٣] في ت: «قعد» .
[٤] في الأصل: «عطية بن حورثة» ، وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>