للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين، قال: ومن أنت؟ قال [١] : أنا الحجاج بن يوسف، معدن العفو والبوار. قال:

اجلس فلست هناك، ثم أطرق مليا فقال: من العراق، فقد قوي الضعيف، وخضع الشديد، فقام الحجاج فقال: أنا للعراق يا أمير المؤمنين.

فقال: يا ابن يوسف، لكل أمر آلة وقلائد، فما آلتك وقلائدك؟ قال: القتل والعفو، والمكاشفة والمداراة، والحرق [٢] والرفق، والعجلة والريث، والإبراق والتبسم، والإرعاد والتنفس، والإبعاد والدنو، [والرفق] [٣] والجفا طورا والزيارة والصلة آونة، والتجبر والتقمص أحيانا، والحرمان، والترهيب والترغيب ألوانا، ألبس جلد النمر، وسيفا منيعا، وتوضعا في/ تجبر وخوض غمرات الفنيق، ضحضاح الثمد عند الورود، فمن رمقني حددته، ومن لوى شدقه خدعته، ومن نازعني جذبته [٤] ، ومن عض منقبة بددته، ومن تغير لونه قتلته، ومن دنا أكرمته، ومن نأى طلبته، ومن ما حكني [٥] غلبته، ومن أدركته كسعته، فهذه آلتي وقلادتي، ولا عليك يا أمير المؤمنين أن تجربني، فإن كنت للأعناق قطاعا، وللأوصال جزاعا، وللأرواح نزاعا، وللخراج جماعا، ولك في [هذه] [٦] الأشياء نفاعا، وإلا فاستبدل بي غيري، فإن الناس كثير، ومن يسد بهم الثلم قليل.

فقال عبد الملك: أنت لها للَّه أبوك فتناولها كيف شئت ثم التفت إلى كاتبه، فقال: اكتب له عهدا على العراق جميعا، وأطلق يده في السلاح والكراع والرجال والأموال، ولا تجعل له علة، وقد كتب عهده يوم الاثنين وهو خارج يوم السبت، فالزموا طاعته يا أهل الكوفة، واحذروا صولته.

فبينا نحن جلوس في المسجد الأعظم بالكوفة إذ أتانا آت، فقال: الحجاج بن يوسف قد قدم أميرا على العراق، فاشرأب الناس نحوه ينظرون إليه، ثم أفرجوا له


[١] قال: اجلس فلست هناك ... قال: ومن أنت؟ قال: «ساقط من ت» .
[٢] في الأصل: «الخوف» ، وما أوردناه من ت.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٤] «نازعني جذبته» . ساقط من ت.
[٥] في الأصل: «ومن ضاحكني» .
[٦] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>