للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا والذي أسأله أن يصلحك ما رأيت منه شيئا حتى فرق الموت بيني وبينه. قال:

ثم قالت: ثم لم يلبث أن خرج في غزاة له وأوصى إلى ابن عم له: إذا أتيت الحاضر من بني عبادة فناد بأعلى صوتك:

عفا الله عنها هل أبيتن ليلة ... من الدهر لا يسري إلي خيالها

فخرجت وأنا أقول:

وعنه عفى ربي وأحسن حاله ... فعز علينا حاجة لا ينالها

قال: ثم قالت: ثم لم يلبث أن مات، فأتانا نعيه. قال: فأنشدينا بعض ما أتاك فيه، فأنشدت تقول:

أتتك العذارى من خفاجة نسوة ... بماء شئون العبرة المتحادر

كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ ... قلائص ينفجن الحصى بالكراكر

فأنشدته، فلما فرغت من القصيدة قال محصن الفقعسي، وكان من جلساء الحجاج: من هذا الذي تقول هذه فيه، والله إني لأظنها كاذبة، فنظرت إليه ثم قالت:

أيها الأمير إن هذا القائل لو رأى توبة لسره ألا يكون في داره عذراء إلا وهي حامل منه.

قال الحجاج: هذا وأبيك الجواب، وقد كنت عن هذا غنيا، ثم قال لها: سلي يا ليلى تعطي، قالت: أعط فمثلك أعطى فأحسن. قال: لك عشرون، قالت: زد فمثلك زاد/ فأجمل. قال: لك أربعون. قالت: زد فمثلك زاد فأفضل، قال: لك ستون، قالت: زد فمثلك زاد فأكمل، قال: لك ثمانون، قالت: زد فمثلك زاد فتمم، قال: لك مائة واعلمي [يا ليلى] [١] : أنها غنم، قالت: معاذ الله أيها الأمير أنت أجود جودا، وأمجد مجدا، وأورى زندا من أن تجعلها غنما، قال: فما هي ويحك يا ليلى؟ قالت:

مائة ناقة برعاتها. فأمر لها بها. ثم قال: ألك حاجة بعدها؟ قالت: تدفع إلي النابغة الجعدي في قرن، قال: قد فعلت، وقد كانت تهجوه ويهجوها، فبلغ النابغة ذلك، فخرج هاربا، عائذا بعبد الملك، فاتبعته إلى الشام، فهرب إلى قتيبة بن مسلم بخراسان، فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة، فماتت بقومس.


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>