للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها، فقال: أنشدينا يا ليلى بعض ما قال فيك توبة، فقالت: نعم أيها الأمير هو الذي يقول:

وهل تبكين ليلى إذا مت قبلها ... وقام على قبري النساء النوائح

كما لو أصاب الموت ليلى بكيتها ... وجاد لها دمع من العين سافح

وأغبط من ليلى بما لا أناله ... ألا كل ما قرت به العين صالح

ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... على ودوني تربة وصفائح

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح

فقال لها الحجاج: زيدينا يا ليلى من شعره، فقالت: هو الذي يقول:

حمامة بطن الواديين ترنمي ... سقاك من الغر الغوادي مطيرها

أبيني لنا لا زال ريشك ناعما ... ولا زلت في خضراء غض نضيرها [١]

وأشرف بالغور اليفاع لعلني ... أرى نار ليلى أو يراني بصيرها

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ... فقد رابني منها الغداة سفورها

يقول رجال لا يضيرك نأيها ... بلى كل ما شفت النفوس يضيرها

كل بلى قد يضير العين أن يكثر البكاء ... ويمنع منها نومها وسرورها

ولقد علمت ليلى بأني فاجر ... لنفسي تقاها أو عليها فجورها

فقال/ لها الحجاج: ما الذي رابه من سفورك، قالت: أيها الأمير، كان يلم بنا كثيرا، فأرسل إلي يوما أني آتيك، وفطن الحي فأرصدوا له، فلما أتاني سفرت له، فعلم أن ذلك لشر، فلم نزد على التسليم والرجوع، فقال: للَّه درك، فهل رأيت منه شيئا تكرهينه؟ قالت: لا والله الذي أسأله أن يصلحك غير أنه قال لي مرة قولا ظننت أنه قد خضع لبعض الأمر فأنشأت أقول:

وذي حاجة قلنا له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى فارغ وخليل


[١] في الأغاني: «وإن بريرها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>