للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحجاج لا تعط العصاة مناهم ... ولا الله يعطي للعصاة [١] مناها

إذا هبط الحجاج أرضا مريضة ... تتبع أقصى دائها فشفاها

شفاها من الداء العضال الذي بها ... غلام إذا هز القناة سقاها

سقاها فرواها بشرب سجاله ... دماء رجال حيث قال حساها

إذا سمع الحجاج رز كتيبة ... أعد لها قبل النزول قراها

أعد لها مسمومة [٢] فارسية ... بأيدي رجال يحلبون صراها

[فما ولد الأبكار والعون مثله ... هجره لا أرض تحف ثراها]

قال: فلما قالت هذا البيت، قال الحجاج: قاتلها الله، ما أصاب صفتي شاعر منذ دخلت العراق غيرها. ثم التفت إلى عنبسة بن سعيد فقال: إني والله لأعد للأمر عسى أن يكون أبدا، ثم التفت إليها فقال: حسبك، فقالت: إني قد قلت أكثر من هذا، قال: حسبك هذا، ويحك حسبك. ثم قال: اذهب يا غلام إلى فلان فقل له اقطع لسانها، قال: فأمر بإحضار الحجام، فالتفتت إليه فقالت: ثكلتك أمك، أما سمعت ما قال: إنما أمر بقطع لساني بالصلة، فبعث إليه يستثبته، فاستشاط الحجاج غضبا وهم بقطع لسانه، وقال: ارددها. / فلما دخلت عليه قالت: كاد وأمانة الله يقطع مقولي، ثمّ أنشأت [تقول] [٣] :

حجاج أنت الذي ما فوقه أحد ... إلا الخليفة والمستغفر الصمد

حجاج أنت شهاب الحرب إن لقحت ... وأنت للناس نور في الدجى [٤] يقد

ثم أقبل الحجاج على جلسائه، فقال: أتدرون من هذه؟ قالوا: لا والله أيها الأمير، إلا أنا لم نر امرأة قط أفصح لسانا ولا أحسن محاورة، ولا أملح وجها، ولا أرصن شعرا منها. فقال: هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجي من حبها. ثم التفت


[١] في الأصل: «القضاة» . وما أوردناه من ت والأغاني.
[٢] كذا في الأصول، وفي الأغاني: «مصقولة» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٤] في ت: «نجم في الدجى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>