للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمل أربعة خواتم: خاتما للحرث والشرط، وكتب عَلَيْهِ الأناة، وخاتما للخراج وجباية الأَمْوَال، وكتب عَلَيْهِ العمارة. وخاتما للبريد، وكتب عَلَيْهِ الرخاء. وخاتما للمظالم، وكتب عَلَيْهِ العدل، فبقيت هذه الرسوم فِي ملوك الفرس إِلَى أَن جاء الإِسْلام.

وألزم من غلبه من أَهْل الفساد بالأعمال الصعبة من قطع الصخور من الجبال، وعمل الرخام والجص والبناء والكلس والحمامات.

وأخرج من البحار والجبال والمعادن والفلوات كُل مَا ينتفع به الناس من الذهب والفضة وَمَا يذاب من الجواهر وأنواع الطيب والأدوية، وأحدث النوروز فجعله عيدا.

ثُمَّ إنه بطر وجمع الخلق فأخبرهم أَنَّهُ مالكهم والدافع عَنْهُم بقوته الهرم والسقم والموت، وجحد إحسان اللَّه إِلَيْهِ، وادعى الربوبية.

فأحس بِذَلِكَ الْمَلِك بيوراسب الَّذِي يسمى الضَّحَّاك، وَهُوَ من ولد جيومرث، ويزعم قوم أَن جم الشيذ زوج أخته بَعْض أشراف أَهْل بَيْت، فولدت لَهُ الحكم [١] فانتدب إِلَى جم بنفسه، فهرب منه، ثُمَّ ظفر بِهِ الضَّحَّاك فامتلخ أمعاءه ونشره بمنشار.

وَقَدْ روينا عَنْ وهب بْن منبه قصة تشبه أَن تكون قصة جم لولا أَن فيها ذكر نصر، وبين جم ونصر بون بعيد [٢] ، إلا أَن يَكُون الضَّحَّاك سمي بذلك الزمان نصر.

فأخبرنا عبد الخالق بْن أَحْمَد بْن يُوسُف، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق اليزدي، أخبرنا عبد الرحمن بن أَحْمَد الرازي، أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن عَبْد اللَّهِ الروياني، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن هَارُون، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُوسُف، حَدَّثَنَا خلف، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا عبد الصمد بْن معقل، قَالَ: سَمِعْتُ وهبا يَقُول:

إِن رجلا ملك وَهُوَ شاب، فقال: إني لأجد للملك لذة، ولا أدري أكذلك يجد النَّاس الْمَلِك أم أَنَا أجده من بينهم؟ فقيل: بَل الْمَلِك كَذَلِكَ، فَقَالَ: مَا الَّذِي يقيمه لي؟


[١] كذا في الأصل، وفي المرآة «الضحاك» .
[٢] في الطبري ١/ ١٧٦: «دهر طويل» .

<<  <  ج: ص:  >  >>