للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان كثير التشبيب بالنساء، قلما يرى امرأة إلا ويتشبب بها تشبيب عاشق. وكان يحب زيارتهن، ويكثر مجالستهن، فممن شبب بهن سكينة بنت الحسين، فقال:

قالت سكينة والدموع ذوارف ... منها على الخدين والجلباب

ليت المغيري الذي لم أجزه ... فيما أطال تصيدي وطلابي

/ كانت ترد لنا المنى أيامه ... أولا تلوم [١] على هوى وتصابي

أسكين ما ماء الفرات وطيبه ... مني على ظمأ وحب شراب

بألذ منك وقد نأيت وقلما ... ترعى النساء أمانة الغياب

وشبب بفاطمة بنت عبد الملك بن مروان، فقال:

افعلي بالأسير إحدى ثلاث ... وافهميهن ثم ردي جوابي

اقتليه قتلا سريحا مريحا ... لا تكوني عليه سوط عذابي

أو اقتدي فإنما النفس بالنفس ... قضاء مفصلا في الكتاب

أوصليه وصلا تقر به العين ... وشر الوصال وصل الكذاب

فأعطت الذي جاءها بالأبيات لكل بيت عشرة دنانير.

وحج عبد الملك فلقيه عمر، فقال له عبد الملك: يا فاسق، فقال: بئس تحية ابن العم على طول السخط، قال: يا فاسق، أما أن قريشا لتعلم انك أطولها صبوة وأبطؤها توبة، ألست القائل.

ولولا أن تعنفني قريش ... فقال الناصح الأوفى الشقيق

لقلت إذا التقينا قبليني ... ولو كنا على ظهر الطريق

وكان أخوه الحارث خيرا عفيفا، فعاتبه يوما. قال عمر: وكنت على ميعاد من الثريا، فرحت إلى المسجد مع المغرب وجاءت الثريا للميعاد فتجد الحارث مستلقيا على الفراش، فألقت نفسها عليه وهي لا تشك أنه أنا، فوثب وقال: من هذه؟ قيل له:

الثريا، قال: ما أرى عمر ينتفع بوعظنا، فلما جئت للميعاد، قال: ويحك كدنا نفتن بعدك، لا والله ما شعرت إلا وصاحبتك واقعة علي، قلت: لا تمسك [النار] [٢] أبدا، قال: عليك لعنة الله وعليها.


[١] في الأغاني: «المنى أياما إذ لا غلام» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>