للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روى الزبير بن بكار، قال: حدثني مصعب بن عثمان: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وُلِّيَ الخلافة لم تكن له همة إلا عمر بن أبي ربيعة والأحوص. فكتب إلى عامله على المدينة: إني قد عرفت عمر والأحوص بالخبث والشر، فإذا أتاك كتابي هذا/ فاشددهما واحملهما إلي- فلما أتاه الكتاب حملهما إليه فأقبل عليّ عمر وقال:

هيه فلم أر كالتجميز منظر ناظر كالرمي [١] ، فإذا لم يفلت الناس منك في هذه الأيام فمتى يفلتون، أما والله لو أهممت بحجبك لم تنظر إلى شيء غيرك، ثم أمر بنفيه، فقال: يا أمير المؤمنين، أو خير من ذلك، قال: ما هو؟ قال: أعاهد الله عز وجل أن لا أعود لمثل هذا الشعر، ولا أذكر النساء في شعر، وأجدد توبة على يدك، قال: أن تفعل؟ قال: نعم.

فعاهد الله على توبته وخلاه.

ثم دعا بالأحوص، فقال: من يقول:

هي الله بيني وبين قيمها ... يفر مني بها وأتبعه

بل الله بين قيمها وبينك، ثم أمر بنفيه إلى دهلك، فلم يزل بها، فسئل في رده، فقال: والله لا أرده ما كان لي سلطان.

وقد اختلفوا في سبب موته على قولين: أحدهما: أن عمر بن عبد العزيز سيره إلى دهلك ثم غزا في البحر فأحرقت السفينة التي كان فيها، فاحترق هو ومن كان معه. ذكره ابن قتيبة.

والثاني: أنه نظر إلى امرأه مستحسنة في الطواف، فكلمها فلم تجبه، فقال لها أبياتا فبلغتها، فقيل لها: اذكريها لزوجك ينكر عليه، فقالت: كلا، لا أشكوها إلا إلى الله فقالت: اللَّهمّ إن كان نوه باسمي ظالما فاجعله طعاما للريح. فضرب الدهر ضربة، فغدا يوما على فرس، فهبت الريح، فنزل إلى شجرة، فخدشه منها غصن فدمي فرمي فيه. فمات من ذلك [٢] .


[١] «كالرمي» : ساقط من ت.
[٢] في الأصل: «قال الناقل: ولا أشك أن هذه الحكاية جرت لعبد الملك بن مروان وإلا فقد ذكر مؤلف الكتاب موت عمر بن أبي ربيعة ها هنا في خلافة الوليد، أو قد يكون في اختلاف الروايات أن عمر مات في زمان عمر بن عبد العزيز، والله أعلم بذلك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>