للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مؤلف الكتاب رحمه الله: وابتلي سعيد بن المسيب بالضرب. وذلك أن عبد الله بن الزبير ولى جابر بن الأسود الزهري المدينة، فدعا الناس إلى بيعة ابن الزبير، فقال سعيد: لا حتى يجتمع الناس، فضربه ستين سوطا، فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إليه يلومه ويقول: ما لنا ولسعيد، دعه.

وكان عبد الملك قد خطب بنت سعيد لابنه الوليد، فأبى، فاحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد، وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف.

أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن أَحْمَد السمرقندي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر مُحَمَّد بْن هبة اللَّه الطبري، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بْن الفضل قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن درستويه، [١] قَالَ: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا زيد بن بشير الحضرمي، قال:

حدثنا ضمام، [٢] عن بعض أهل المدينة، قال:

لما كانت بيعة سليمان بن عبد الملك مع بيعة الوليد كره سعيد بن المسيب أن يبايع بيعتين، فكتب صاحب المدينة إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن سعيد بن المسيب كره أن يبايع لهما جميعا، فكتب عبد الملك إلى صاحب المدينة. وما كان حاجتك إلى رفع هذا عن سعيد بن المسيب، ما كنا نخاف منه، فأما إذا ظهر ذلك وانتشر في الناس فادعه إلى ما دخل فيه من دخل في هذه البيعة، فإن أبى فاجلده مائة سوط، واحلق رأسه ولحيته، وألبسه ثيابا من شعر، وقفه على الناس في سوق المسلمين لئلا يجترئ علينا غيره.

فلما علم بعض من حضر من قريش سألوا الوالي أن لا يعجل عليه حتى يخوفه بالقتل فعسى أن يجيب، فأرسلوا مولى له كان في الحرس، قالوا: أذهب فأخفه/ بالقتل، وأخبره أنه مقتول لعل ذلك يخيفه حتى يدخل فيما دخل فيه الناس. فجاءه مولاه وهو يصلي فبكى المولى، فقال له سعيد: ما يبكيك؟ قال: يبكيني ما يراد بك، قد جاء كتاب فيك إن لم تبايع قتلت، فجئت لتطهر وتلبس ثيابا طاهرة، وتفرغ من عهدك، قال:

ويحك قد وجدتني أصلي، فتراني كنت أصلي ولست بطاهر، وثيابي غير طاهرة، وأما ما ذكرت من العهد فإني أضل ممن أرسلك إن كنت بت ليلة ولم أفرغ من عهدي.


[١] في الأصل: «ابن درشنونة» خطأ وما أوردناه من ت وكتب التراجم، وقد تكرر هذا الخطأ أكثر من مرة.
[٢] في الأصل: «صمصام» . وما أوردناه من ت، وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>