للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانطلق، فلما أتى الوالي دعوه فأبى أن يجيب، فأمره بالتجريد ولبس ثيابا من شعر، ثم جلده مائة سوط، وحلق رأسه ولحيته، ووقف فقال: لو كنت أعلم أنه ليس شيء إلا هذا ما نزعت ثيابي طائعا، ولا أجبت إلى ذلك.

قال ضمام: فبلغني أن هشام بن إسماعيل كان إذا خطب الناس يوم الجمعة تحول إليه سعيد بن المسيب بوجهه ما دام يذكر الله عز وجل حتى إذا رفع يذكر عبد الملك ويمدحه ويقول فيه ما يقول أعرض عنه سعيد بوجهه، فلما فطن له هشام أمر حرسيا أن يخصب وجهه إذا تحول عنه، ففعل ذلك به، فقال سعيد لهشام وأشار بيده إليه: هي ثلاث نحل. فما مر به إلا ثلاثة أشهر حتى عزل هشام.

ومعنى نحل: حسب.

[أنبأنا الحسين بن عبد الوهاب، قَالَ: أخبرنا ابن المسلمة، قَالَ:] [١] أخبرنا المخلص، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الزبير بْن بكار، قَالَ: حدثني عمي مصعب بن عبد الله، قال:

كان سعيد بن المسيب لا يقبل بوجهه على هشام بن إسماعيل إذا خطب يوم الجمعة، فأمر به هشام بعض أعوانه يعطفه عليه إذا خطب فأهوى العون يعطفه فأبى عليه فأخذه حتى عطفه، فصاح سعيد، يا هشام إنما [هي] [٢] أربع بعد أربع. فلما انصرف هشام قال: ويحكم جن سعيد، فسئل سعيد: أي شيء أربع بعد أربع، سمعت في ذلك شيئا؟ قال: لا، / فقيل: ما أردت بقولك؟ قال: إن جاريتي لما أردت المسجد، قالت لي: إني رأيت هذه الليلة رؤيا فلا تخرج حتى أقصها عليك وتعبرها لي، رأيت كأن موسى غطس عبد الملك في البحر ثلاث غطسات، فمات في الثالثة، فأولت أن عبد الملك مات، وذلك أن موسى بعث على الجبارين بقتلهم، وعبد الملك جبار هذه الأمة. قال: فلم قلت أربع بعد أربع؟ قال: مسافة مسير الرسول من دمشق إلى المدينة بالخبر. فمكثوا ثماني ليال ثم جاء رسول بموت عبد الملك.


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>