للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى علت الشمس [١] ، ودخل وأمرنا أن ندخل إلى مجلسه، فدخلنا وجلسنا، فما مكث أن خرج علينا، فلما جلس قام كبير الطباخين حياله يؤذنه بالغداء، فأومأ إليه أن ائت بالغداء، فأتاه به فوضع يده فأكل، فما فقدنا من أكله شيئا.

أخبرنا ابن ناصر الحافظ، قال: أخبرنا ثابت بن بندار، وأحمد بن علي بن سوار، وأبو الفضل محمد بن عبد الله الناقد، قالوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بن رزقه، قال: أخبرنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي، قال:

حدثني محمد بن يحيى، عن معن بن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال:

كان سليمان بن عبد الملك في نادية له، فسمر ليلة على ظهر سطح، ثم تفرق عنه جلساؤه، فدعا بوضوء، فجاءت به جارية له، فبينا هي تصب عليه إذ استمدها بيده وأشار إليها فإذا هي ساهية مصغية بسمعها مائلة بجسدها كله إلى صوت غناء تسمعه في ناحية العسكر، فأمرها فتنحت واستمع هو الصوت، فإذا صوت رجل يغني، فأنصت له حتى [إذا] [٢] فهم ما يغنى به من الشعر، ثم دعا جارية من جواريه غيرها، فتوضأ.

فلما أصبح أذن للناس إذنا عاما، فلما أخذوا مجالسهم أجرى ذكر الغناء ومن كان يسمعه ولين فيه حتى ظن القوم أنه يشتهيه، فأفاضوا في ذلك في التليين والتحليل والتسهيل، وذكروا من كان يسمعه من أهل المروءات وسروات [٣] الناس، ثم قال: هل بقي أحد يسمع منه؟ فقال رجل من القوم: عندي رجلان من أهل أيلة حاذقان، فقال:

أين منزلك من العسكر، فأومأ إلى الناحية التي كان فيها الغناء. فقال سليمان: يبعث إليهما، فوجد الرسول أحدهما فأقبل به حتى أدخله على سليمان، فقال له: ما اسمك؟

قال: سمير، قال: فسأله عن الغناء كيف هو فيه؟ قال: حاذق محكم، قال: فمتى عهدك به؟ قال: في ليلتي هذه الماضية، قال: وفي أي نواحي العسكر كنت؟ فذكر له الناحية التي سمع فيها الصوت، قال: فما غنيت؟ قال: فذكر الشعر الذي سمع سليمان، فأقبل سليمان، يقول: هدر الجمل فضبعت [٤] الناقة، وهب التيس [٥] فشكرت الشاة، وهدر


[١] في الأصل: «غلبته الشمس» . وما أوردناه من ت.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٣] في الأصل: «سرات» . وما أوردناه من ت.
[٤] في ت: «فصنعت» .
[٥] في ت: «ونب التيس» .

<<  <  ج: ص:  >  >>