للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن سلام [١] : كانت مولدة لابن قيس بن عاصم تسمى كثيرة قالت بيتين: نحلتهما ذا الرمة، وهما:

على وجه مي مسحة من ملاحة ... وتحت الثياب الخزي لو كان باديا

ألم تر أن الماء يخبث طعمه ... ولو كان لون الماء في العين صافيا

فامتعض من ذلك ذو الرمة، وحلف جهد يمينه أنه ما قالهما، وقال: كيف أقوله وقد أفنيت شبابي أشبب بها وأمدحها.

وكانت مية عند ابن عم لها يقال له عاصم، فقال ذو الرمة فيها:

ألا ليت شعري هل يموتن عاصم ... ولم يشتعبني للمنايا شعوبها

رمى الله من حتف المنية عاصما ... بقاصمة يدعى لها فيجيبها

وقد كان ذو الرمة يشبب أيضا بخرقاء إحدى نساء بني عامر بن ربيعة.

وقال أبو زياد الكلابي: خرقاء من بني عامر بن صعصعة.

قال الأصمعي: كان سبب تشبيبه بخرقاء أنه مر في بعض أسفاره فإذا خرقاء خارجة من خباء، فنظر إليها فوقعت في قلبه فخرق أداوته ليستطعم كلامها، ثم قال لها: إني رجل على ظهر سفر وقد تخرقت أدواتي فأصلحيها، فقالت: لا والله لا أحسن العمل، وإني لخرقاء، والخرقاء لا تحسن العمل لكرامتها على أهلها.

وروى عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي، عن منهال السدوسي قال: حدثني رجل من قريش: أنه سلك طريق مكة للحج فعدل عن الطريق فرأى امرأة، فقال لها: من أنت؟ فقالت: أو ما تعرفني وأنا أحد مناسكك؟ قال: ومن أنت؟ قالت: خرقاء صاحبة ذي الرمة الذي يقول فيها:

تمام الحج أن تقف المطايا ... على خرقاء واضعة اللثام

إلا أن جمهور شعره في ميّ، وحب خرقاء حدث بعدميّ، وفي هذا دليل على سلو، ويدل عليه قوله:

أخرقاء للبين استقلت حمولها ... نعم غربة فالغث تجري مسيلها


[١] الخبر في الأغاني ١٨/ ٢٩، «عن محمد بن سلام، عن أبي الغراف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>