للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى غربة: أي استقلت لأرض بعيدة.

كأن لم يرعك الدهر بالبين قبلها ... لمي ولم يشهد فراقا نزيلها

أي قد راعك الدهر غير مرة.

أنبأنا علي بن عبيد الله بن نصر، عن أبي جعفر بن المسلمة، عَنْ أبي عبيد اللَّه مُحَمَّد بْن عمران المرزباني، قال: حدثني أبو صالح الفزاري، قال: [١] ذكر ذو الرمة في مجلس فيه عدة من الأعراب، فقال عصمة بن مالك الفزاري شيخ منهم بلغ مائة وعشرين سنة: إياي فاسألوا عنه، كان حلو العينين، حسن المضحك، براق الثنايا، خفيف العارضين، إذا نازعك الكلام لا تسأم حديثه، باد بزته، [إذا أنشد بربر] [٢] وحسن صوته، جمعني وإياه مربع مرة، فأتاني فقال: يا عصمة إن ميا منقرية، ومنقر أخبث حي، وأقفاه [٣] لأثر وأثبته في نظر، وأعلمه بشر [٤] ، وقد عرفوا آثار إبلي، فهل من ناقة نزدار عليها [٥] ميا، قلت: أي والله [عندي] الجؤذر [٦] ، قال: فعلينا بها، فجئت بها فركب وردفته ثم انطلقنا حتى نهبط حي مي، فإذا الحي خلوف، فلما رآنا النسوة عرفن ذا الرمة، فتقوضن من بيوتهن حتى اجتمعن إلى مي، وأنخنا قريبا وجئناهن فجلسنا، فقالت ظريفة منهن: أنشدنا يا ذا الرمة، فقال لي:

أنشدهن، فأنشدت قوله:

وقفت على ربع لمية ناقتي ... فما زلت أبكي عنده وأخاطبه

فلما انتهيت إلى قوله:

نظرت إلى أظعان مي كأنها ... ذرا النخل أو أثل تميل ذوائبه

فأسبلت العينان والقلب كاتم ... بمغرورق نمت عليه سواكبه


[١] الأغاني ١٨/ ٥٦ (دار الكتب العلمية) .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
وبربر في كلامه: أكثر منه، والبربرة: الجلبة والصياح.
[٣] في الأصل: «أفوقه» . وما أوردناه من الأغاني.
[٤] في الأصل: «ببصر» كذا بدون نقط، وما أوردناه من الأغاني.
[٥] في الأصل: «وإلا له الجوز» . وما أوردناه من الأغاني. وما بين المعقوفتين من الأغاني.
[٦] في ت: «نزور عليها» . والمعنى واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>