للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكى وامق حال الفراق ولم تجل ... جوائلها أسراره ومعاتبه

قالت الظريفة: لكن اليوم فلتجل. ثم مضيت إلى قوله:

وقد حلفت باللَّه مية ما الذي ... أحادثها إلا الذي أنا كاذبه

إذا فرماني الله من حيث لا أرى ... ولا زال في أرضي عدو أجاذبه

قالت مية: ويحك [١] يا ذا الرمة، خف عواقب الله عز وجل، ثم مضيت حتى انتهيت إلى قوله:

إذا سرحت من حب مي سوارح ... على القلب آبته جميعا عوازبه

فقالت الظريفة: قتلتيه قتلك الله، فقالت: ما أصحه وهنيئا له، قال: فتنفس ذو الرمة تنفسة كاد حرها يطير بلحيته، ثم مضيت حتى انتهيت إلى قوله:

إذا نازعتك القول مية أو بدا ... لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه

فيا لك من خد أسيل ومنطق ... رخيم ومن خلق تعلل جادبه

فقالت الظريفة: هذا الوجه قد بدا، وهذا القول قد تنوزع فيه، فمن لنا بأن ينضو الدرع سالبه، فالتفتت إليها مي فقالت: مالك قاتلك الله ماذا تجيئين به، فتضاحكن النسوة، فقالت الظريفة: إن لهذين شأنا، فقمت وقمن ثم صرت إلى بيت قريب منهما أراهما ولا أسمع كلامهما إلا الحرف بعد الحرف، فو الله ما رأيته برح مكانه ولا تحرك، وسمعتها تقول: كذبت والله، فو الله ما أدري ما الذي كذبته فيه، فتحدثا ساعة ثم جاءني معه قويريرة فيها دهن طيب، فقال: هذه دهنة أتحفتني بها مي فشأنك بها، وهذه قلائد در [زودتنا] [٢] للجؤذر، فلا والله لا قلدتهن بعيرا أبدا، ثم عقدهن في ذؤابة [٣] سيفه، قال:

فانصرفنا، فلم يزل يختلف إليها مربعنا حتى انقضى، ثم جاءني يوما، فقال: يا عصمة قد ظعنت مي فلم يبق إلا الديار، [والنظر في الآثار، فانهض بنا إلى ديارها، فخرجنا حتى وقف على ديارها] [٤] فجعل ينظر ثم قال:

ألا فاسلمي يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر


[١] في ت: «ويلك» .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. أوردناه من ت.
[٣] في الأصل: «ذوائب سيفه» . وما أوردناه من ت.
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>