للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم تكن في غير شام بقفرة ... تمر بها الأذيال صيفية كدر

ثم انفضخت عيناه بالعبرة، فقلت: مه، فقال: إني لجلد وإن كان مني ما ترى، فما رأيت صبابة قط ولا تجلدا أحسن من تجلده وصبابته يومئذ، ثم انصرفنا فكان آخر العهد به.

قوله: «غير شام» [الشام] [١] لون يخالف معظم لون الأرضين، وهو جمع شامة، أي: آثار، كأنها شام في جيد، وهي بقاع مختلفة الألوان مثل لون الشامة [٢] ، وإنما يريد أثر الرماد بأرض خالية. و «الصيفية» : الرياح الكدر فيها غبرة.

أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة، قالت: أَخْبَرَنَا أحمد بن جعفر السراج، قال:

أخبرنا القاضيان أبو الحسن الثوري، وأبو القاسم التنوخي، قالا: أَخْبَرَنَا أبو عمرو بْن حيوية، قَالَ: أخبرنا محمد بن خلف، قال: أخبرنا محمد بن الفضل، [قال: أخبرني أبي] [٣] ، قال: أخبرنا القحذمي [٤] ، قال:

دخل ذو الرمة الكوفة فبينا هو يسير في بعض شوارعها على نجيب له رأى جارية سوداء واقفة على باب دار فاستحسنها ووقعت بقلبه فأومأ إليها وقال: يا جارية اسقيني ماء، فأخرجت له كوزا فشرب وأراد أن يمازحها ويستدعي كلامها، فقال: يا جارية، ما أحر ماءك؟ فقالت: لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وترك حر مائي وبرده، فقال لها:

وأي شعري له عيب؟ فقالت: ألست ذا الرمة؟ قال: بلى، قالت:

فأنت الذي شبهت عنزا بقفرة ... لها ذنب فوق استها أم سالم

جعلت لها قرنين فوق جبينها ... وطبين مسودين مثل المحاجم

وساقين إن يستمكنا منك يتركا ... بجلدك يا غيلان مثل المناسم

أيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النقا أأنت أم أم سالم

فقال لها: نشدتك باللَّه إلا أخذت راحلتي هذه وما عليها ولم تظهري هذا، ونزل


[١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٢] في ت: «مثل تلون الشامة» .
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٤] في الأصل: «الجعدمي» . وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>