للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هودجا امرأة زنجية فجلست على تلك الفرش الممهدة، ثم جاء زنجي فجلس إلى جنبها على الفراش فبقيت متعجبا منهما، فبينا أنا أنظر إليهما إذ مر بنا مار وهو يقود إبلا، فجعل يتغنى ويقول:

بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب ... وقل إن تملينا فما ملك القلب

قال: فوثبت الزنجية إلى الزنجي فخبطته وضربته وهي تقول: شهرتني في الناس شهرك الله، فقلت: من هذا؟ قالوا: نصيب الشاعر وهذه زينب.

قال محمد بن خلف: وحدثني أبو بكر بن شداد، قَالَ: حدثني أَبُو عبد الله بْن أبي بكر، قال: حدثني إبراهيم بن زيد بن عبد الله السعدي، قال: حدثتني جدتي، عن أبيها، عن جدها، قال [١] :

رأيت رجلا أسود ومعه امرأة بيضاء، فجعلت أتعجب من سواده وبياضها، فدنوت منه، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا الذي أقول:

ألا ليت شعري ما الذي تحدثين لي ... إذا ما غدا النأي المفرق [٢] والبعد

أتصرمني عند الألى فهم العدا [٣] ... فتشمتهم بي أم تدوم على العهد

قال: فصاحت: بلى والله تدوم على العهد، فسألت عنها فقيل: هذا نصيب وهذه أم بكر.

قال ابن خلف: وأخبرني جعفر بن اليشكري، قال: حدثني الرياشي، قال:

أخبرني العتبي، قال: دخل نصيب على عبد العزيز بن مروان فقال له: هل عشقت يا نصيب؟ قال: نعم جعلني الله فداك، قال: من؟ قال: جارية لبني مدلج فأحدق بها الواشون فكنت لا أقدر على كلامها إلا بعين أو إشارة، وأجلس لها على الطريق حتى تمر بي فأراها، وفي ذلك أقول [٤] :

جلست [٥] لها كيما تمر لعلني ... أخالسها التسليم إن لم تسلّم


[١] الخبر في الأغاني ١/ ٣٢٨.
[٢] في الأغاني: «تحدثين بي غدا غربة المفرق» .
[٣] في الأغاني: «هم لنا العدا» .
[٤] الأغاني ١/ ٣٦٠.
[٥] في الأغاني: «وقفت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>