دخلنا على محمد بن سوقة فقال: أحدثكم بحديث لعله ينفعكم، فإنه قد نفعني، ثم قال: قال لنا عطاء بن أبي رباح: يا بني أخي، إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، أتنكرون أن عليكم حافظين، أما يستحي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أملى صدر نهاره، كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه.
أخبرنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الأَنْمَاطِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا جعفر بن أحمد قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الغراب قَالَ: أخبرنا أَبِي قَالَ: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي قَالَ: حدثنا الرياشي قال:
سمعت الأصمعي يقول:
دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك بن مروان وهو جالس على سريره وحواليه الأشراف من كل بطن، وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته، فلما نظر إليه قام إليه وأجلسه معه على السرير وقعد بين يديه وقال له: يا أبا محمد، حاجتك؟ قال: يا أمير المؤمنين، اتق الله في حرم الله وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار فأنت بهم أجلست [١] هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور، فإنهم حصن المسلمين، وتعهد أمور المسلمين فإنك وحدك المسئول عنهم، واتق الله فيمن على بابك، ولا تغفل عنهم، ولا تغلق دونهم بابك. فقال له: أفعل. ثم نهض فقبض عليه عبد الملك فقال: يا أبا محمد، إنما سألتنا حوائج غيرك، وقد قضيناها، فما حاجتك؟ فقال: ما لي إلى مخلوق حاجة. ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف، هذا وأبيك السؤدد.
أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: حدثنا محمد بن مرزوق قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُطَيْعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخراز قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب قَالَ: قال إبراهيم الحربي:
كان عطاء عبدا أسود لامرأة من أهل مكة، وكان أنفه كأنه باقلاء.
قال: وجاء سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين إلى عطاء هو وابناه، فجلسوا إليه