للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يصلي، فلما صلى انفتل إليهما، فما زالوا [١] يسألونه عن مناسك الحج، وقد حول قفاه إليهم ثم قال سليمان لابنيه: قوما. فقاما، فقال: يا بني لا تنيا في طلب العلم، فإني لا أنسى ذلنا بين يدي هذا العبد الأسود.

أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خيرون قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:

أخبرني أبو الحسن علي بن أيوب الكاتب قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قَالَ: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب قَالَ: حدثنا عبد الله بن أبي سعيد الوراق قال: حدثنا عمرو بن شبة قال: حدثني سعيد بن منصور الرقي قال: حدثني عثمان بن عطاء الخراساني قال:

انطلقت مع أبي وهو يريد هشام بن عبد الملك، فلما قربنا إذا بشيخ أسود على حمار، عليه قميص دنس، وجبة دنسة، وقلنسوة لاطية دنسة، وركاباه من خشب.

فضحكت وقلت لأبي: من هذا الأعرابي؟ قال: اسكت، هذا سيد فقهاء أهل الحجاز، هذا عطاء بن أبي رباح. فلما قرب نزل أبي عن بغلته، ونزل هو عن حماره، فاعتنقا وتسالا، ثم عادا فركبا فانطلقا حتى وقفا بباب هشام، فلما رجع أبي سألته، فقلت:

حدثني ما كان منكما. قال: لما قيل لهشام عطاء بن أبي رباح [بالباب] [٢] أذن له، فو الله ما دخلت إلا بسببه. فلما رآه هشام قال: مرحبا مرحبا هاهنا هاهنا. فرفعه حتى مست ركبته ركبه، وعنده أشراف الناس يتحدثون، فسكتوا. فقال هشام: ما حاجتك يا أبا محمد؟ قال: يا أمير المؤمنين، أهل الحرمين، أهل الله، وجيران رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقسم فيهم أعطياتهم وأرزاقهم، قال: نعم، يا غلام اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاءين وأرزاقهم لسنة، ثم قال: هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل الحجاز، وأهل نجد، أصل العرب، ترد فيهم [فضول] [٣] صدقاتهم قال: نعم، يا غلام أكتب بأن ترد فيهم صدقاتهم. قال: هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال:

نعم يا أمير المؤمنين، أهل الثغور يرمون من وراء بيضتكم، ويقاتلون عدوكم، قد أجريتم لهم أرزاقا تدرها عليهم، فإنهم إن هلكوا أغرتم. قال: نعم، اكتب بحمل


[١] في الأصل: «ما زالوا» . وما أوردناه من ت.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>