للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأومضك، وإما أن تضع تاجك، وتلبس أمساحك، وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك. قال: فإذا كان السحر فاقرع علي بابي، فإن اخترت ما أنا فيه كنت وزيرا لا تعصى [وجليسا لا يقصى] [١] ، وإن اخترت خلوات الأرض و [قعر] [١] البلاد كنت رفيقا لا يخالف.

فلما كان السحر قرع عليه بابه، فإذا هو قد وضع تاجه ولبس أمساحه وتهيأ للسياحة، فلزما والله الجبل حتى أتتهما آجالهما، وذلك حيث يقول أخو بني تميم عدي بن زيد العبادي [٢] :

أيها الشامت المعير بالدهر ... أأنت المبرأ الموفور

أم لديك العهد الوثيق من الأيام ... بل أنت جاهل مغرور

من رأيت المنون خلدن أم من ... ذا عليه من أن يضام خفير

أين كسرى كسرى الملوك أبو ... ساسان أم أين قبله سابور

وبنو الأصفر الكرام ملوك ... الروم لم يبق منهم مذكور

وأخو الحصن إذ بناه وإذ دجلة ... تجبى إليه والخابور

شاده مرمرا وجلله كلسا ... فللطير [٣] فِي ذراه وكور

لم تهبه ريب المنون فباد ... الملك عنه فبابه مهجور

وتأمل رب الخورنق إذ أشرف ... يوما وللهدى تفكير

سره ماله وكثرة ما يملك ... والبحر معرض والسدير

فارعوى قلبه وقال وما غبطة ... حي إلى الممات يصير

ثم بعد الإفلاح والملك و ... الأمة وارتهم هناك القبور

ثم أضحوا كأنهم ورق جف ... فألوت به الصبا والدبور

قال: فبكى هشام حتى اخضلت لحيته وبل عمامته وأمر بنزع أبنيته وبنقلان قرابته وأهله وحشمه وغاشيته من جلسائه، ولزم [٤] قصره. قال: فاجتمعت الموالي والحشم على خالد بن صفوان فقالوا: ما أردت بأمير المؤمنين، نغصت عليه لذته، وأخذت عليه


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٢] ديوان عدي: ٨٧- ٩٠.
[٣] في الأصل: «وجلله كلسا فما للطير» . والتصحيح من ت والديوان.
[٤] في الأصل: «ولزوم» . وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>