للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج ابن هبيرة للقتال واقتتلوا ثم تحاجزوا ثم اقتتلوا بعد أيام، فهزم أهل الشام هزيمة قبيحة، فدخلوا المدينة فمكثوا ما شاء الله لا يقتتلون إلا رميا من وراء الفصيل، ومكثوا على القتال أحد عشر شهرا، فلما طال عليهم وجاءهم قتل مروان طلبوا الصلح. وكان أصحاب ابن هبيرة قد تقاعدوا به حتى هم أن يدعو إلى محمد بن عبد الله بن الحسن، وكتب إليه فأبطأ جوابه، وجرت السفراء بين أبي جعفر وبين ابن هبيرة حتى جعل له أمانا، وكتب بذلك ابن هبيرة كتابا مكث يشاور فيه العلماء أربعين يوما حتى رضيه ابن هبيرة، ثم أرسله إلى أبي جعفر فأنفذه أبو جعفر إلى أبي العباس فأمره بإمضائه، وكان رأى أبي جعفر الوفاء له بما أعطاه.

وكان أبو العباس لا يقطع أمرا دون أبي مسلم، وكان أبو الجهم عينا لأبي مسلم على أبي العباس [١] ، يكتب إليه بأخباره كلها، فكتب أبو مسلم إلى أبي العباس: إن الطريق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد، ولا والله لا يصلح [٢] طريق فيه ابن هبيرة.

ولما تم الكتاب الذي كتبه ابن هبيرة لنفسه خرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر في ألف وثلاثمائة، فأراد أن يدخل الحجرة على دابته، فقام إليه الحاجب سلام بن سليم، فقال: مرحبا بك أبا خالد، انزل راشدا، وقد طاف بالحجرة نحو من عشرة آلاف من أهل خراسان، فنزل، ودعا له بوسادة فجلس عليها، ثم دعا بالقواد فدخلوا ثم قال سلام: ادخل أبا خالد، فقال: أنا ومن معي؟ فقال: إنما استأذنت لك وحدك، فقام فدخل فحادثه ساعة ثم قام وأتبعه أبو جعفر بصره حتى غاب عنه، ثم مكث يقيم عنه يوما ويأتيه يوما في خمسمائة فارس وثلاثمائة راجل، فقال يزيد بن حاتم لأبي جعفر: أيها الأمير، إن ابن هبيرة ليأتي فيتضعضع له العسكر، وما نقص من سلطانه شيء، فقال أبو جعفر لسلام: قل لابن هبيرة يدع الجماعة ويأتينا في حاشيته، قال: فلما سمع ذلك تغير وجهه وجاء في حاشيته نحو من ثلاثين، ثم كان بعد ذلك يأتي في ثلاثة، ثم ألح أبو العباس


[١] في الأصل: «وكان أبو الجهم لأبي مسلم من يعرف بأبي الجهم عينا على أبي العباس» . وما أوردناه من ت والطبري.
[٢] في الأصل: «صلح» . وما أوردناه من ت والطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>