للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتاني بكتاب أبي مسلم: إذا قدم عليك عبد الله بن محمد فأشخصه ولا تدعه يقيم فإن الأرض أرض خوارج ولا آمن عليه، فطابت نفسي وقلت: أراه يعني بأمري. فسرت فلما كنت من مرو على فرسخين تلقاني أبو مسلم في الناس، فلما دنا مني أقبل يمشي إلي حتى قبل يدي، فقلت: اركب، فركب. فدخلت مرو فنزلت دارا، فمكثت ثلاثة أيام لا يسألني عن شيء، ثم قال لي في اليوم الرابع: ما أقدمك؟ فأخبرته، فقال: فعلها أبو سلمة أنا أكفيكموه. ثم دعا مرار بن أنس الضبي، فقال له: انطلق إلى الكوفة فاقتل أبا سلمة حيث لقيته وانته في ذلك إلى رأي الإمام، فقدم مرار الكوفة، وكان أبو سلمة يسمر عند أبي العباس، فقعد له في طريقه فلما خرج قتله، وقالوا: قتلته الخوارج.

وقال سليمان بن المهاجر [١] :

إن الوزير وزير آل محمد ... أودى فمن يشناك كان وزيرا

وكان أبو مسلم إذا جاء إلى أبي جعفر وهو بالري ينزل على باب الدار ثم يجلس في الدهليز ويقول للحاجب: استأذن لي، فغضب أبو جعفر على حاجبه، وقال له:

ويلك إذا رأيته فافتح له الباب وقل له يدخل على دابته. وانصرف أبو جعفر إلى أبي العباس، فقال له: لست خليفة ولا آمرك بشيء إن تركت أبا مسلم ولم تقتله، قال:

وكيف؟ قال: والله ما يصنع إلا ما يريد، فقال أبو العباس: اسكت واكتمها.

وفي هذه السنة: وجه أبو العباس أخاه أبا جعفر إلى واسط لحرب يزيد بن عمر بن هبيرة.

وقد سبق ذكرنا حال يزيد بن عمر بن هبيرة مع الجيش الذين لقوه من [أهل] [٢] خراسان مع قحطبة، ثم ابنه الحسن إلى أن انهزم ولحق بواسط وتحصن بها. ولما انهزم تفرق عنه الناس، وخلف على الأثقال قوما، فذهبوا بتلك الأموال، فقيل له: لو لحقت بمروان فإنه ليس بعد الحصار إلا القتل، وكان يخاف من مروان لأنه كان يكتب إليه في الأمر فيخالفه، فخافه إن قدم عليه أن يقتله فسرح أبو سلمة الحسن بن قحطبة، فخندق


[١] في الأصل: «سليمان بن أبي المهاجر» . وفي ت: «سليمان المهاجر» . وما أوردناه من الطبري ٧/ ٤٥٠.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصلين، أوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>