للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمظالم، فدخل عليه رجل فقال: إن لي مظلمة، وإني أسألك أن تسمع مني مثلا أضربه قبل أن أذكر مظلمتي، قال: قل، قال: إني وجدت الله تبارك وتعالى اسمه خلق الخلق على طبقات، فالصبي إذا خرج إلى الدنيا لا يعرف إلا أمه، ولا يطلب غيرها فإن فزع من شيء لجأ إليها، ثم يرتفع عن ذلك طبقة فيعرف أن أباه أعز من أمه، فإن أفزعه شيء لجأ إلى أبيه، ثم يبلغ فإن أفزعه شيء لجأ إلى سلطانه، فإن ظلمه ظالم انتصر به منه، فإذا ظلمه السلطان لجأ إلى ربه فاستنصره، وقد كنت في هذه الطبقات، وقد ظلمني ابن نهيك في ضيعة لي في ولايته، فإن نصرتني عليه وأخذت لي بمظلمتي وإلا استنصرت الله عز وجل ولجأت إليه، فانظر لنفسك أيها الأمير أودع، فتضاءل أبو جعفر وقال: أعد علي الكلام، فأعادة، فقال: أما أول شيء فقد عزلت ابن نهيك من ناحيته، وأمر برد ضيعته.

وفي هذه السنة [١] : شخص أبو جعفر المنصور إلى أبي مسلم بخراسان لاستطلاع رأيه في قتل أبي سلمة حفص بن سليمان. وذلك أن أبا سلمة ستر حال أبي العباس حين قدم الكوفة.

وقد ذكرنا أن قوما يذكرون ويقولون: إنما أراد أن يجعل الأمر في آل أبي طالب، فصار عند القوم بهذا متهما، فتذاكروا بعد ظهور السفاح ما فعله أبو سلمة، فقال قائل منهم: فما يدريكم لعل ما صنع أبو سلمة كان عن رأي أبي مسلم، فقال أبو العباس:

لئن كان هذا عن رأي أبي مسلم إنا بعرض بلاء، إلا أن يدفعه الله عنا. ثم تفرقوا، فأرسل أبو العباس إلى أبي جعفر فقال: ما ترى؟ فقال: الرأي رأيك، قال: فاخرج إلى أبي مسلم حتى تعلم ما رأيه، فليس يخفي عليك لو قد لقيته، فإن كان عن رأيه أخذنا [٢] لأنفسنا، وإن لم يكن عن رأيه طابت نفوسنا.

قال أبو جعفر: فخرجت على وجل، فلما انتهيت إلى الري إذا صاحب الري قد أتاه كتاب أبي مسلم: أنه بلغني أن عبد الله بن محمد توجه إليك فإذا قدم فأشخصه ساعة يقدم عليك. فلما قدمت أتاني عامل الري، فأخبرني بكتاب أبي مسلم وأمرني بالرحيل، فازددت وجلا وخرجت وأنا خائف، فسرت فلما كنت بنيسابور إذا عاملها قد


[١] تاريخ الطبري ٧/ ٤٤٨.
[٢] في الأصل: «احبلنا» . وما أوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>