للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالغداء، فأصابوا منه، ثُمَّ أمر به فرفع، فأقبل على عَبْد اللَّه فَقَالَ: يا مُحَمَّد، قَدْ علمت مَا أعطيتني من المواثيق والعهود ألا تبغيني سوءا، ولا تكيد لي سلطانا. قال: فأنا على ذاك يا أمير المؤمنين. فلحظ أَبُو جعفر عقبة، فاستدار حَتَّى قام بين يدي عَبْد اللَّه، فأعرض عنه، فاستدار حَتَّى قام من وراء ظهره، فغمزه بأصبعه، فرفع رأسه، فملأ عينه منه، فوثب حَتَّى جثا بين يدي أبي جعفر، فَقَالَ: أقلني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أقالك اللَّه. قَالَ:

لا أقالني اللَّه إن أقلتك. ثُمَّ أمر بحبسه [١] .

وفي رواية: أن المنصور أتاه عَبْد اللَّه بْن حسن، فجلس عنده، إذ تكلم المهدي فلحن، فَقَالَ عَبْد اللَّه: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ألا تأمر لهذا من يعدل لسانه، فأحفظ المنصور من هَذَا وَقَالَ: أين ابْنك؟ قَالَ: لا أدري. قَالَ: لتأتيني به. قَالَ: لو كَانَ تحت قدمي مَا رفعتها عنه. قَالَ: يا ربيع، قم به إِلَى الحبس [٢] .

وقيل: إن حبسه كَانَ فِي سنة أربعين، فأقام فِي الحبس ثلاث سنين.

ولما حبسه جد فِي طلب ابْنيه وبعث عينا لَهُ، وكتب معه كتبا على ألسن الشيعة إِلَى مُحَمَّد يذكرون طاعتهم، وبعث معه بمال وألطاف، فقدم الرجل المدينة، فسأل عَنْ مُحَمَّد، فذكر لَهُ أنه فِي جبل جهينة، فمضى إِلَيْهِ، فعلم حاله، ثُمَّ عاد إِلَى أبي جعفر، فكتب أَبُو جعفر إِلَى زياد بْن عُبَيْد اللَّه يتنجزه مَا ضمن لَهُ من أمر مُحَمَّد، فأعان زياد ٢١/ ب محمدا وَقَالَ لَهُ: اذهب/ حيث شئت، فما ينالك مني مكروه.

فبعث أَبُو جعفر من شد زيادا فِي الحديد، وأخذ جميع ماله، ووجد فِي بيت المال خمسة وثمانين ألف دينار، وأخذ عماله، وشخص بالكل إِلَى أبي جعفر، فَقَالَ لَهُ زياد:

إن دماء بْني فاطمة علي عزيزة [٣] .

واستعمل أَبُو جعفر مُحَمَّد بن خالد بعد زياد، أمره بالجد فِي طلب مُحَمَّد، ثُمَّ استبطأه فعزله، وولى رياح بْن عثمان بْن حيان المدينة، وأمره بالجد في طلبهما، فخرج مسرعا، فقدمها يوم الجمعة لسبع ليال بقين من رَمَضَان سنة أربع وأربعين ومائة [٤] .


[١] انظر: تاريخ الطبري ٧/ ٥١٧- ٥٢٣.
[٢] انظر: تاريخ الطبري ٧/ ٥٢٤.
[٣] انظر: تاريخ الطبري ٧/ ٥٢٩- ٥٣٠.
[٤] انظر: تاريخ الطبري ٧/ ٥٣١- ٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>