للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج القوم فرأوا غلمانه فسألوهم عنه، فقيل: دخل بعدكم، فخاصم سليمان وعيسى ابْنا عَلِيّ سفيان بْن معاوية المهلبي وأشخصاه إِلَى المنصور، وقامت البينة العادلة بأن ابْن المقفع دخل دار سفيان سليما ولم يخرج منها. فَقَالَ المنصور: أنا أنظر فِي هَذَا، وأقيده به. ووعدهم الغد، فجاء سفيان ليلا فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اتق اللَّه فِي صنيعك ومتبع أمرك أن تجري [١] قتله علي. قَالَ: لا ترع واحضر. فحضر [٢] وقامت [٣] البينة. فَقَالَ المنصور: أرأيتم إن قتلت سفيان بن معاوية بابْن المقفع، ثُمَّ خرج ابْن المقفع عليكم من هَذَا الباب- وأومأ إِلَى باب خلفه- من ينصب لي نفسه حَتَّى أقتله مكان سفيان؟

فرجعوا كلهم عَنِ الشهادة واندفع الأمر.

وروى أَبُو الحسن المدائني: أن ابْن المقفع [٤] كَانَ يعبث بسفيان بْن معاوية بْن يزيد بْن المهلب [٥] بالحيرة، ويضحك منه، فغضب سفيان يوما وافترى عليه، فَقَالَ لَهُ ابْن المقفع: يا ابْن المغتلمة، والله مَا اكتفت أمك برجال العراق حَتَّى نكحها رجال أَهْل الشام؟ وكانت أم سُفْيَان: ميسون بْنت المغيرة بْن المهلب. فاضطغن عليه سفيان، فقدم سليمان بْن عَلِيّ، وعيسى بْن عَلِيّ ليكتبوا لعَبْد اللَّه بْن عَلِيّ أمانا. وَكَانَ ابْن المقفع يكتب لعيسى بْن عَلِيّ، وَكَانَ يتنوق فِي الشرط، فكتب فيما اشترط: إن قتله أمير المؤمنين فلا بيعة [٦] لَهُ. فَقَالَ المنصور: من يتوثق لهم؟ قالوا: ابْن المقفع. قَالَ: فما أحد يكفيني ابْن المقفع. فكتب أَبُو الخصيب إِلَى سفيان بْن معاوية يحكي لَهُ هَذَا الكلام عَنْ أمير المؤمنين، / فاعتزم على قتله إن أمكنه ذلك فاستدعاه فقال: أتذكر ما ٢٧/ ب كنت تقول؟ قَالَ: أنشدك اللَّه أيها الأمير. فَقَالَ: أمي مغتلمة كما قلت إن لم أقتلك قتلة لم يقتل بها أحد. فأمر بتنور فسجر حَتَّى إذا حمي أمر أن تقطع أعضاؤه، فكلما قطعوا عضوا قَالَ: ألقوه فِي النار. فيلقونه وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ، حَتَّى أتى على جميع جسده، ثُمَّ أطبق التنور وَقَالَ: ليس علي فِي المثلة بك حرج، لأنك زنديق قد أفسدت الناس،


[١] في ت: «تجري» قتل عليه.
[٢] فحضر» ساقطة من ت.
[٣] في ت: «والشهادة» .
[٤] أن ابن المقفع» ساقطة من ت.
[٥] «بن يزيد بن المهلب» ساقطة من ت.
[٦] في ت: «فلا تقبله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>