للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميره فِي السفن من الصين والهند والبصرة وواسط فِي دجلة، وتجيئك الميرة من أرمينية وما اتصل بها فِي تامرا حَتَّى تصل إِلَى الزاب، وتجيئك الميرة من الروم وآمد والجزيرة والموصل فِي دجلة [١] ، وأنت بين أنهار لا يصل إليك [عدوك] [٢] إلا على جسر أو قنطرة، فإذا قطعت الجسر وأخربت القناطر لم يصل إليك عدو وأنت بين دجلة والفرات، لا يجيئك أحد من المشرق أو المغرب إلا احتاج إِلَى العبور بدجلة والفرات خنادق لمدينة أمير المؤمنين.

فوجه فِي حشر الصناع والفعلة من الشام والموصل والجبل والكوفة وواسط والبصرة فأحضروا، وأمر باختيار قوم من أَهْل الفضل والعدالة والفقه والأمانة والمعرفة بالهندسة، وَكَانَ ممن أحضر الحجاج بْن أرطأة وأبو حنيفة والنعمان بْن ثَابِت.

وأمر بخط المدينة، وحفر الأساسات، وضرب اللبْن، وحرق الآجر، وكان أول ما ابتدأ به في عملها سنة خمس وأربعين [ومائة] [٣] ، وأحب أن ينظر إليها، فأمر أن تخط بالرماد، وأقبل يدخل من كل باب، ويمر في فضلاتها وطاقتها ورحابها وهي مخطوطة بالرماد، وأمر أن يحفر أساس ذلك على ذلك الرسم.

قَالَ ابْن عياش: فوضع أول لبْنة بيده وَقَالَ: بسم اللَّه وباللَّه، والْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ٧: ١٢٨ [٤] . ثُمَّ قَالَ: ابْنوا على بركة اللَّه وعونه.

وَقَالَ حماد التركي: لما وقع اختيارهم على موضع بغداد، وَكَانَ فِي موضع الخلد/ دير وفي فرات الصراة قرية، وكانت القرية تسمى العتيقة، وهي التي افتتحها المثنى بن حارثة، وجاء المنصور فنزل الدير فِي موضع الخلد على الصراة، فوجده قليل البق، فَقَالَ: هَذَا موضع ارضاه، تأتيه الميرة من الفرات ودجلة. فبْناه، وَكَانَ موضع قرى ومزارع.

ولما احتاج المنصور فِي بْنائه إِلَى الأنقاض قَالَ لخالد بْن برمك: ما ترى في نقض بناء كسرى بالمدائن وحمل نقضه إِلَى مدينتي هَذِهِ. فَقَالَ: لا أرى ذلك. قال:


[١] في ت: «ودجلة» وما أثبتناه من الأصل.
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وما أثبتناه من ت.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأثبتناه من ت.
[٤] سورة الأعراف، الآية: ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>