للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم؟ قَالَ: لأنه علم من [أعلام] [١] الإسلام يستدل به الناظر إِلَيْهِ على أنه لم يكن ليزال مثل أصحابه عنه بأمر دنيا، وإنما هو بأمر دين. فَقَالَ: أبيت إلا الميل إلى أصحابك العجم. وأمر أن ينقض القصر الأبيض، فنقضت ناحية منه، وحمل نقضه، فنظر فِي مقدار مَا يلزمهم للنقض والحمل فوجدوا ذلك أكثر من ثمن الجديد، فرفع ذلك إِلَى المنصور، فدعا خالدا فأخبره وَقَالَ: مَا ترى؟ قَالَ: قَدْ كنت أرى أن لا تفعل، فأما إذ فعلت فأرى أن تهدم الآن حَتَّى تلحق بقواعده لئلا يقال إنك عجزت عَنْ هدمه. فأعرض المنصور عَنْ ذلك وأمر أن لا يهدم.

أَخْبَرَنَا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر المرزباني قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد الحصيني قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو علي أَحْمَد بْن إسماعيل قَالَ: لما صارت الخلافة إِلَى المنصور أمر بْنقض إيوان المدائن فاستشار جماعة من أصحابه، وكلهم أشار عليه بمثل مَا هم، وَكَانَ معه كاتب من الفرس فاستشاره [٢] فِي ذلك فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أنت تعلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من تلك القرية- يعني المدينة- وكان له بها مثل ذلك المنزل، ولأصحابه مثل تلك الحجر، فخرج أصحاب ذلك الرسول صلّى الله عليه وسلّم حَتَّى جاءوا مَعَ ضعفهم إِلَى صاحب هَذَا الإيوان مَعَ عزته وصعوبة أمره/، حَتَّى غلبوه وأخذوه من يديه قسرا ٣٦/ أوقهرا، ثُمَّ قتلوه، فيجيء الجائي من أقاصي الأراضي فينظر إِلَى تلك المدينة وإلى هَذَا الإيوان، ويعلم أن صاحبها قهر صاحب هَذَا الإيوان، فلا يشك أنه بأمر اللَّه عز وجل، وأنه هو الَّذِي أيده، وَكَانَ معه ومع أصحابه، وفي تركه فخر لكم، فاستغشه المنصور واتهمه لقرابته من القوم، ثُمَّ بعث فِي بعض الإيوان فنقض منه الشيء اليسير، ثُمَّ كتب إِلَيْهِ أنه يغرم [٣] فِي نقضه أكثر مما يسترجع، وأن هَذَا تلف للأموال وذهابها. فدعا الكاتب فاستشاره فيما كتب به إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ كنت أشرت بشيء لم يقبل مني، وأما الآن فإني آنف لكم أن يكونوا أولئك بنوا بناء تعجزون أنتم عن


[١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وما أثبتناه من ت.
[٢] في الأصل: «فاستشار» وما أثبتناه من ت.
[٣] في الأصل: «أنه إذا يغرم في نقضه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>