للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هدمه والصواب أن تبلغ به الماء. ففكر المنصور فعلم أنه قَدْ صدق، ثُمَّ نظر فإذا هدمه يتلف الأموال فأمر بالإمساك عنه.

وقيل إن أبا جَعْفَر لما أمر بحفر الخنادق وأنشأ بْناء الأساس أمر أن يجعل عرض السور من أسفله خمسين ذراعا، وقدر أعلاه عشرين ذراعا، فلما بلغ البْناء قامة أتاه خروج مُحَمَّد فقطع البْناء، وخرج إِلَى الكوفة، فلما فرغ من حرب مُحَمَّد رجع إِلَى بغداد.

أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسن بْن أبي طالب قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عروة قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الصولي قال: قال رجل من ولد الربيع.

لما أراد أَبُو جَعْفَر أن يبْني لنفسه كَانَ يؤتى من كل مدينة بتراب فيعفنه فيصير عقارب وهوام، حَتَّى أتى بتربة بغداد، فخرج صرارات، وأتى الخلد فنظر إِلَى دجلة والفرات فأعجبه، فرآه راهب كَانَ هُنَاكَ وَهُوَ يقدر بْناءها. فَقَالَ: لا يتم، فبلغه فأتاه.

فقال: نعم!. نجد في كتبنا أن الَّذِي يبْنيها ملك يقال لَهُ: مقلاص. قَالَ أَبُو جَعْفَر: كانت والله أمي تلقبْني فِي صغري مقلاصا [١] .

أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن أبي علي المعلى قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْن جرير/ إجازة:

أن أبا جَعْفَر ابتدأ أساس المدينة سنة خمس وأربعين ومائة، واستتم البْناء سنة ست وأربعين ومائة وسمّاها مدينة السلام [٢] .

قَالَ الخطيب: وبلغني أنه لما عزم على بْنائها أحضر المهندسين وأهل المعرفة بالبْناء والعلم بالذرع والمساحة وقسمة الأرض، فمثل لهم صفتها الَّتِي فِي نفسه، ثُمَّ أحضر الفعلة والصناع من النجارين والحفارين والحدادين وغيرهم، وأجرى عليهم الأرزاق، وكتب إِلَى كل بلد فِي حمل من فِيهِ ممن يفهم شيئا من أمر البْناء، ولم يبتدئ فِي البْناء حَتَّى تكامل بحضرته من أَهْل الصناعات ألوف كثيرة، ثُمَّ اختطها وجعلها مدورة. ويقال: لا يعرف في أقطار الأرض كلها مدينة مدورة سواها، ووضع أساسها فِي وقت اختاره نوبخت المنجّم [٣] .


[١] انظر الخبر في: تاريخ بغداد ١/ ٦٦.
[٢] انظر الخبر في: تاريخ بغداد ١/ ٦٦.
[٣] انظر الخبر في: تاريخ بغداد ١/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>