للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهَا: ظهر إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن حسن بْن حسن بْن عَلِيّ بالبصرة فحارب المنصور.

وَفِيهَا: قتل أيضا، وَكَانَ من قضيته [١] أنه لما أخذ المنصور عَبْد اللَّه بْن حسن أشفق مُحَمَّد وإبراهيم فخرجا إِلَى عدن، فخافا بها، فركبا البحر حَتَّى سارا إِلَى السند، فسعي بهما، فقدما الكوفة، وكانت أم ولد إِبْرَاهِيم تقول: مَا أقرتنا الأرض منذ خمس ٤٢/ أسنين، مرة بفارس، ومرة بكرمان، ومرة بالجبل، ومرة/ بالحجاز. ووضع المنصور على إِبْرَاهِيم الرصد، وكانت له مرآة- قد سبق ذكرها- ينظر فِيهَا فيرى عدوه من صديقه، فنظر فِيهَا فَقَالَ للمسيب: يا مسيب، قَدْ رأيت واللَّهِ إِبْرَاهِيم فِي عسكري، فانظر مَا أنت صانع.

وأمر المنصور ببْناء قنطرة الصراة العتيقة، ثُمَّ خرج ينظر إليها فوقعت عينه على إِبْرَاهِيم، وجلس إِبْرَاهِيم، فذهب فِي الناس، فأتى مأمنا فلجأ إِلَيْهِ، فأصعده غرفة لَهُ، وجد المنصور فِي طلبه، فَقَالَ سفيان العمي لإبراهيم: قَدْ ترى مَا نزل بْنا، ولا بد من المخاطرة. قَالَ: فأنت وذاك. فأقبل إِلَى الربيع فسأله الإذن. قَالَ: ومن أنت؟ قَالَ:

سفيان العمي. فأدخله على أبي جَعْفَر، فلما رآه شتمه فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أنا أَهْل لما تقول، غير أني أتيتك تائبا، ولك عندي كل مَا تحب إن أعطيتني مَا أسألك. قَالَ: وما لي عندك؟ قَالَ: تأتيني بإبراهيم. قَالَ: فما لي عندك إن فعلت؟ قَالَ: كل مَا تسأل، فأين إِبْرَاهِيم؟ قَالَ: قَدْ دخل بغداد، وَهُوَ داخلها عَنْ قريب، فاكتب لي جوازا ولغلام لي ولفرانق [٢] ، واحملني على البريد، ووجه معي جندا، آتيك به. قَالَ: فكتب إِلَيْهِ جوازا، ودفع إِلَيْهِ جندا وَقَالَ: هَذِهِ ألف دينار فاستعن بها. قَالَ: لا حاجة لي إليها كلها.

فأخذ معه ثلاثمائة دينار، وأقبل حَتَّى أتى إِبْرَاهِيم وَهُوَ فِي بيت عليه مدرعة صوف- وقيل:

بل قباء كأقبية العبيد- فصاح به: قم. فوثب كالفزع، فجعل يأمره وينهاه حَتَّى قدم المدائن، فمنعه صاحب القنطرة بها، فدفع إِلَيْهِ جوازه. قَالَ: فأين غلامك؟ قَالَ: هَذَا.

فلما نظر فِي وجهه قَالَ: والله مَا هَذَا بغلامك، وإنه لإبراهيم، فاذهب راشدا فأطلقهما، فركبا البريد، ثُمَّ ركبا سفينة إِلَى البصرة فاختفيا فيها.


[١] في ت: «قصته» .
وانظر: تاريخ بغداد ٧/ ٦٢٢.
[٢] الفرانق: الّذي يدل صاحب البريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>