للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إنه قدم البصرة، فجعل يأتي بالجند الدار- ولها بابان- فيقعد العشرة/ ٤٢/ ب منهم على أحد البابين ويقول: لا تبرحوا حَتَّى آتيكم. ثُمَّ يدخل الدار فيخرج من الجانب الآخر [١] ويتركهم حَتَّى فرق الجند وبقي وحده واختفى، فبلغ الخبر سفيان بْن معاوية، فأرسل إليهم، وطلب العمي، فأعجزه، ونزل إِبْرَاهِيم على أبي [٢] فروة، فاختفى وأرسل إِلَى الناس يندبهم إِلَى الخروج، فلما بلغ الخبر أبا جَعْفَر شاور، فقيل لَهُ: إن الكوفة لَهُ شيعة، والكوفة قَدْ رافقوا، وأنت طبقتها. فاخرج حَتَّى ينزلها. ففعل.

وخرج إِبْرَاهِيم ليلة الاثنين لغرة شهر رَمَضَان من سنة خمس وأربعين، فصار إِلَى مقبرة بْني يشكر فِي بضعة عشر فارسا، فكان أول شيء أصاب دوابّ لجماعة من الجند، وأسلحة، وصلى بالناس الغداة بالمسجد الجامع، وتحصن سفيان بْن معاوية فِي الدار، ثُمَّ طلب الأمان فأجيب لَهُ، ففتح الباب ودخل إِبْرَاهِيم الدار، فألقي لَهُ حصير، فهبت ريح فقلبت الحصير [٣] ظهرا لبطن، فتطير الناس لذلك، فَقَالَ إِبْرَاهِيم: لا تتطيروا. ثُمَّ جلس عليه مقلوبا والكراهة ترى فِي وجهه، وحبس سفيان بْن معاوية فِي القصر وقيده قيدا خفيفا. ووجد ببيت المال ستمائة ألف، فغدا بذلك، وفرض لكل رجل خمسين، ووجه رجلا إِلَى الأهواز فبايعوا لَهُ، وخرج عاملها فخاصم أصحاب إِبْرَاهِيم فهزموه.

وبلغ جعفرا ومحمدا ابْني سليمان بْن عَلِيّ- وكانا بالبصرة- مصير إِبْرَاهِيم إِلَى دار الإمارة وحبسه سفيان، فأقبلا في ستمائة، فوجه إليهما [٤] إِبْرَاهِيم المضاء بْن جَعْفَر [٥] فِي ثمانية عشر فارسا وثلاثين راجلا، فهزمهم المضاء، وصارت البصرة والأهواز وفارس في سلطان إِبْرَاهِيم، ولم يزل إِبْرَاهِيم مقيما بالبصرة بعد ظهوره بها يفرق العمال فِي النواحي، ويوجه الجيوش إِلَى البلدان حَتَّى أتاه نعي أخيه محمد، فأخبر الناس بذلك، فازدادوا بصيرة فِي قتال أبي جَعْفَر، وأصبح إِبْرَاهِيم من الغد فعسكر.

وأبلغ الخبر إِلَى أبي جَعْفَر فَقَالَ: والله مَا أدري مَا أصنع، مَا فِي عسكري سوى ألفي رجل، فرقت جندي مَعَ المهدي/ بالري ثَلاثُونَ ألفا، ومع محمد بن الأشعث ٤٣/ أ


[١] في ت: «ثم يدخل الباب فخرج من الباب الآخر» .
[٢] «أبي» ساقطة من ت.
[٣] في ت: «فقلبته الحصير» .
[٤] في الأصل: «إليها» .
[٥] في ت: «المضايف جعفر»

<<  <  ج: ص:  >  >>