للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: ثُمَّ جئت ابْن جريج وإلى سفيان وعباد بْن كثير، / فأبلغتهم مَا قَالَ، فقالوا:

هو فِي حل، فقلت: يَقُول لكم: لا يظهرن أحد منكم مَا دام المنصور بمكة مقيما. قَالَ:

فلما قرب المنصور وجهني مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بألطاف، فلما أخبر المنصور أن رَسُول مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم قدم، أمر بالإبل فضربت وجوهها، فلما صار إِلَى بئر ميمون لقيه مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم فأمر بدوابه فضربت [١] وجوهها، فكان يسير ناحية وعدل بأبي جَعْفَر عَنِ الطريق فِي الشق الأيسر فأنيخ به ومحمد واقف قبالته ومعه طبيب لَهُ، فلما ركب أَبُو جَعْفَر وسار وعديله الربيع، أمر مُحَمَّد الطبيب فمضى إِلَى موضع مناخ أبي جَعْفَر فرأى نجوه، فَقَالَ لمحمد: رأيت نجو رجل لا تطول به الحياة، فلما دخل مكة لم يلبث أن مات وسلم مُحَمَّد.

وفي هذه السنة: شخص أَبُو جَعْفَر من مدينة السلام متوجها إِلَى مكة وذلك فِي شوال، فنزل قصر عَبْدَوَيْهِ، فانقض فِي مقامه هُنَاكَ كوكب لثلاث بقين من شوال بعد إضاءة الفجر، فبقي أثره بينا [٢] إِلَى طلوع الشمس، وَكَانَ المهدي معه [وَهُوَ] [٣] يوصيه بالمال، والسلطان يفعل ذلك كل يوم من أيام مقامه لا يفتر [٤] ، وَقَالَ لَهُ [٥] : إني سائر وإني غير راجع، فإنا للَّه وإنا إِلَيْهِ راجعون، فاسأل اللَّه بركة مَا أقدم عليه، وهذا كتاب وصيتي مختوما، فإذا بلغك أني قَدْ مت فانظر فِيهِ. وعلي دين فأحب أن تقضيه وهو ثلاثمائة ألف ونيف، فلست أستحلها من بيت مال المسلمين، فاضمنها عني، وإني ولدت [٦] فِي ذي الحجة، ووليت فِي ذي الحجة وقد هجس في نفسي أني أموت فِي ذي الحجة من هَذِهِ السنة، وهذا الَّذِي حداني عَلَى الحج، فاتق اللَّه، وإياك والدم الحرام، وافتتح عملك بصلة الأرحام، وإياك والتبذير.

فلما كَانَ فِي [٧] اليوم الَّذِي أراد أن يرتحل فِيهِ دعى المهدي فَقَالَ لَهُ: إني لم أدع


[١] في الأصل: «فضرب» وما أوردناه من ت.
[٢] في الأصل: «أبينا» وما أوردناه من ت والطبري.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٤] تاريخ الطبري ٨/ ١٠٣.
[٥] تاريخ الطبري ٨/ ١٠٤.
[٦] تاريخ الطبري ٨/ ١٠٥.
[٧] تاريخ الطبري ٨/ ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>