للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدي: منا خليفة خليفة رسول الله، وقالت بْنو أمية، منا خليفة الخلفاء، فأين حظكم يا بْني هاشم من الخلافة؟ والله مَا حظكم فِيهَا إلا عَلِيّ بْن أبي طالب رضي اللَّه عنه، فَقَالَ:

واللَّهِ يا أبا معاوية لا يبلغني أن أحدا لم يثبت خلافة علي إلا فعلت به كذا وكذا.

وَكَانَ الرشيد يستقبح المدح بالكذب ويذم المادح به. قَالَ يوما لبعض ولاته:

كيف تركت النّاس؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أحسنت فيهم السيرة وأنسيتهم سيرة العمرين. فغضب الرشيد واستشاط وَقَالَ: ويلك يا ابْن الفاعلة، العمرين العمرين، وأخذ سفرجلة فرماه بها فكادت تهلكه، وأخرج من بين يديه.

وَكَانَ الرشيد يكثر الحج والغزو واتخذ قلنسوة مكتوب عَلَيْهَا: غاز حاج.

قَالَ ابْن البراء: كَانَ يحج سنة ويغزو سنة، حج بالناس ست مرات، [فَقَالَ داود بْن رزين] [١] :

بهارون لاح البدر فِي كل بلدة ... وقام به فِي عدل سيرته النهج

إمام بذات اللَّه أصبح شغله ... وأكثر مَا يعنى به الغزو والحج

تضيق عيون الناس عَنْ نور وجهه ... إذا مَا بدا للناس منظره البلج

وإن أمين اللَّه هارون بالندى ... ينيل الَّذِي يرجوه أضعاف مَا يرجو [٢]

وَقَالَ أَبُو المعلى الكلابي:

فمن يطلب لقاءك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثغور

/ ففي أرض العدو علي طمر ... وفي أرض البْنية فوق كور

[٣] ١٤٦/ أوألح عليه فِي بعض غزواته الثلج، فَقَالَ بعض أصحابه: أما ترى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا نحن فيه من الجهد والرعية وادعة فَقَالَ لَهُ: أسكت، عَلَى الرعية المنام، وعلينا القيام، ولا بد للراعي من حراسة رعيته. فَقَالَ بعض الشعراء فِي ذلك:

غضبت لغضبتك القواطع والقنا ... لما نهضت لنصرة الإسلام

ناموا إِلَى كنف بعدلك واسع ... وسهرت تحرس غفلة النوّام


[١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٢] انظر الأبيات في: تاريخ الطبري ٨/ ٢٣٤.
[٣] انظر الأبيات في: تاريخ بغداد ١٤/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>