للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ الرشيد إذا حج حج معه مائة من الفقهاء وأبْنائهم، وإذا لم يحج أحج ثلاثمائة رَجُل بالنفقة التامة والكسوة الطاهرة، وَكَانَ يصلي كل يوم مائة ركعة إِلَى أن فارق الدُّنيا، إلا أن تعرض لَهُ علة، وَكَانَ يتصدق من صلب ماله فِي كل يوم ألف درهم بعد زكاتها [١] ، وَكَانَ يقتفي أخلاق المنصور ويطلب العمل بها، إلا فِي بذل المال، وكان لا يضيع عنده إحسان محسن، ولا يؤخر ذلك، وَكَانَ يميل إِلَى أَهْل الأدب والفقه، ويكره المراء فِي الدين، ويحب الشعر والشعراء، والمدح ولا سيما من شاعر فصيح، فدخل عليه يوما مروان بْن أبي حفصة فأنشده من قصيدة لَهُ:

وسدت بهارون الثغور فأحكمت ... به من أمور المسلمين المرائر

وما انفك معقودا بْنصر لواؤه ... لَهُ عسكر عنه تشظى العساكر

فكل ملوك الروم أعطاه جزية ... عَلَى الرغم قسرا عَنْ يد وَهُوَ صاغر

إِلَى وجهه تسمو [٢] العيون وما سمت ... إِلَى مثل هارون العيون النواظر

ترى حوله الأملاك من آل هاشم ... كما حفت البدر النجوم الزواهر

إذا فقد الناس الغمام تتابعت عليهم ... بكفّيك الغيوث المواطر

١٤٦/ ب/ عَلَى ثقة ألقت إليك أمورها ... قريش كما ألقي عصاه المسافر

فطورا يهزون القواطع والقنا ... وطورا بأيديهم تهز المخاصر

ليهنكم الملك الَّذِي أصبحت بكم ... أسرته مختالة والمنابر

أبوك ولي المصطفى دون هاشم ... وإن رغمت من حاسديك المناخر

فأعطاه عشرة آلاف دينار وكساه، وأمر لَهُ بعشرة من رقيق الروم وحمله عَلَى برذون [٣] .

وللرشيد أشعار حسان، منها: مَا أَخْبَرَنَا به عبد الرحمن بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قَالَ: أَخْبَرَنَا سليمان بْن أَحْمَد الطبراني قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن موسى بْن حسان قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن صالح قَالَ:

حَدَّثَنَا عمي عَلِيّ بْن صالح قَالَ: قَالَ الرشيد فِي ثلاث جوار:

ملك الثلاث الغانيات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان


[١] في ت: «بقدر زكاته» .
[٢] في ت: «تشهو العيون وما شهت» .
[٣] انظر الخبر وأشعار مع زيادة فيها في: تاريخ الطبري ٨/ ٣٤٧- ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>