للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن فِي عصياني؟

مَا ذاك إلا أن سُلْطَانَ الهوى ... وبه قوين أعز من سلطاني [١]

وَكَانَ الرشيد طيب النفس، فكها يحب المزح.

أَخْبَرَنَا المبارك بْن علي الصيرفي قَالَ: أخبرتنا فاطمة بْنت عَبْد اللَّه الخبرية قالت:

أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الحسين بْن الفضل قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن خالد الكاتب قَالَ:

أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد اللَّه بْن المغيرة الجوهري قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد الدمشقي قَالَ:

حدثني الزبير بْن بكار قَالَ: حدثني عَلِيّ بْن صالح قَالَ: كَانَ مَعَ الرشيد ابْن أبي مريم المديني، وَكَانَ مضاحكا محداثا فكها، وَكَانَ الرشيد لا يصبر عَنْ محادثته، وَكَانَ قَدْ جمع إِلَى ذلك [المعرفة] [٢] بأخبار العرب من [٣] أَهْل الحجاز ومكائد المجان، فبلغ من خصوصيته به أنه أنزله منزلا فِي قصره وخلطه ببطانته وغلمانه، فجاء ذات ليلة وهو نائم وقد طلع الفجر، فكشف اللحاف عَنْ ظهره، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كيف أصبحت؟ فَقَالَ: يا هَذَا، مَا أصبحت بعد، مر إِلَى عملك، قَالَ: ويلك، قم إِلَى/ الصلاة قال: هذا وقت صلاة ١٤٧/ أأبي الجارود، وأنا من أصحاب أبي يوسف القاضي، فقام [٤] ومضى وتركه نائما، وقام الرشيد إِلَى الصلاة، فجاء غلامه فقال: أمير المؤمنين، قَدْ قام إِلَى الصلاة، فألقى عليه ثيابه ومضى نحوه، فإذا هو يقرأ فِي صلاة الصبح وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ٣٦: ٢٢ [٥] فَقَالَ لَهُ ابْن أبي مريم: لا أدري والله فما تمالك أن ضحك فِي صلاته، ثُمَّ التفت كالمغضب فَقَالَ: يا ابْن أبي مريم، فِي الصلاة أيضا؟! قَالَ: يا هَذَا، ما صنعت؟ قال:

قطعت علي الصلاة. قَالَ: والله مَا فعلت، إنما سمعت منك كلاما غمني حين قلت وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ٣٦: ٢٢ [٦] [فقلت: لا أدري] [٧] . فضحك، وَقَالَ: إياك والقرآن والدين ولك ما شئت بعدها [٨] .


[١] انظر الخبر في: تاريخ بغداد ١٤/ ١٢.
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٣] «العرب من» ساقطة من ت.
[٤] «فقام» ساقطة من ت.
[٥] سورة: يس، الآية: ٢٢.
[٦] سورة: يس، الآية: ٢٢.
[٧] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٨] انظر الخبر في: تاريخ الطبري ٨/ ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>