للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي إِمَام شَاهَدَ رَجُلا يَزْنِي، هَلْ يَحُدُّهُ [١] ؟ قُلْتُ: لا يَجِبُ ذَلِكَ. فَحِينَ قُلْتُهَا سَجَدَ الرشيد فوقع لي أنه قد رَأَى بَعْضَ أَهْلِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيَّ بِالاسْتِغَاثَةِ هُوَ الزَّانِي. ثُمَّ قَالَ الرَّشِيدُ: وَمِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: مِنْ قول [٢] النبي صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَهَذِهِ شُبْهَةٌ يَسْقُطُ الْحَدُّ مَعَهَا. فَقَالَ: وَأَيُّ شُبْهَةٍ مَعَ الْمُعَايَنَةِ؟! قُلْتُ: لَيْسَ تُوجِبُ الْمُعَايِنَةُ لِذَلِكَ أَكْثَرَ مِنَ الْعِلْمِ بِمَا جَرَى، وَالْحُدُودُ لا تَكُونُ بِالْعِلْمِ، وَلَيْسَ لأَحَدٍ أَخْذُ حَقِّهِ بِعِلْمِهِ. فَسَجَدَ مَرَّةً أُخْرَى وَأَمَرَ لِي بِمَالٍ جزيل، وأن أَلْزَمَ الدَّارَ، فَمَا خَرَجْتُ حَتَّى جَاءَتْنِي هَدِيَّةُ الْفَتَى، وَهَدِيَّةُ أُمِّهِ، وَأَسْبَابُهُ، فَصَارَ ذَلِكَ أَصْلا لِلنِّعْمَةِ، وَلَزِمْتُ الدَّارَ، فَكَانَ هَذَا الْخَادِمُ يَسْتَفْتِينِي وَهَذَا يُشَاوِرُنِي وَصِلاتُهُمْ تَصِلُ إِلَيَّ، ثُمَّ اسْتَدْعَانِي الرَّشِيدُ وَاسْتَفْتَانِي فِي خَوَاصِّ أَمْرِهِ، فَلَمْ تَزَلْ حَالِي تَقْوَى حَتَّى قَلَّدَنِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ.

قال لي أَبِي: بلغني أن أبا يوسف لما مات خلف مائتي سراويل [من أصناف السراويلات وكل] [٣] بتكة أرمني تساوي دينارا.

وبلغ من محله عند الرشيد أنه طلبه [٤] يوما فجاء/ وعليه بُردَة فقال [الرشيد] [٥] :

جاءت به معتجرا ببرده ... سفواء ترضى بنسيج وحده

أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أخبرنا محمد بن القاسم [٦] الأزرق قَالَ: حدثنا محمد بن الحسن المقرئ أن محمد بن عبد الرحمن الشامي أخبرهم قَالَ: أخبرنا ابن الجعد قَالَ: سمعت أبا يوسف يَقُولُ:

العلم شيء لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، فأنت إذا أعطيته كلك كان [٧] من إعطائه البعض على عشر [٨] .


[١] في ت: «أيحده» .
[٢] في ت: «لأن النبي» .
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٤] في الأصل: «من محله أنه طلبه الرشيد» .
[٥] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٦] في الأصل: «بن أبي القاسم» .
[٧] في الأصل: «كنت» .
[٨] في تاريخ بغداد: «غرر» . انظر الخبر في تاريخ بغداد ١٤/ ٢٤٨، ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>