للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أؤمنك وأحسن إليك. قَالَ: كنت بحلوان في خان من خاناتها، فإذا أنا بيحيى بن عبد الله في دراعة صوف غليظة وكساء صوف [١] أخضر غليظ، وإذا معه جماعة ينزلون إذا نزل، ويرحلون إذا رحل، ويكونون منه برصد، يوهمون من رآهم أنهم لا يعرفونه وهم أعوانه، ومع [كلّ] [٢] واحد منهم منشور يأمن له إن عرض لَهُ. قال: تعرف يحيى بن عبد الله؟ قَالَ: أعرفه قديما، وذلك الّذي حقق معرفتي به بالأمس. قَالَ:

فصفه. قَالَ: مربوع، أسمر، رقيق البشرة، أجلح، حسن العينين/، عظيم البطن.

قَالَ: صدقت هو ذَلِكَ. قَالَ: فما سمعته يَقُولُ؟ قال: ما سمعته يقول شيئا غير أني رأيته يصلي، ورأيت غلاما من غلمانه أعرفه قديما جالسا على باب بالخان، فلما فرغ من صلاته أتاه بثوب غسيل، فألقاه في عنقه، ونزع الجبة الصوف، فقال لَهُ: أحسن الله جزاءك، وشكر سعيك، فمن أنت؟ قال: رجل من أبناء هذه الدولة، وأصلي من مرو، ومولدي مدينة السلام. قال: فمنزلك بها؟ قَالَ: نعم. فأطرق مليا، ثم قال: كيف احتمالك لمكروه تمتحن به في طاعتي؟ قَالَ: أبلغ من ذلك حيث أحب أمير المؤمنين.

قَالَ: كن بمكانك حتى أرجع. فدخل حجرة كانت خلف ظهره، فأخرج كيسا فيه ألفا دينار، فَقَالَ: خذ هذه ودعني وما أدبر فيك. فأخذها وضم عليها ثيابه، ثم قَالَ: يا غلام.

فأجابه خاقان وحسين، فَقَالَ: اصفعا [٣] ابن اللخناء، فصفعاه [٤] نحوا من مائة صفعة، ثم قَالَ: أخرجاه [٥] إلى من بقي في الدار [٦] وعمامته في عنقه، فقولا [٧] : هذا جزاء من يسعى ببطانة أمير المؤمنين وأوليائه! ففعلا [٨] ذلك وتحدثوا بخبره، ولم يعلم بحال الرجل أحد [٩] ، ولا بما ألقى إلى الرشيد حتى كان من أمر البرامكة ما كان [١٠] .


[١] «غليظة وكساء صوف» ساقطة من ت.
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت، وأثبتناها من الطبري.
[٣] في الأصل، ت: «اصفعوا» .
[٤] في الأصل، ت: فصفعوه» .
[٥] في الأصل، ت: «أخرجوه» .
[٦] في الأصل، ت: «من الدار» .
[٧] في الأصل، ت: «فقولوا» .
[٨] في الأصل، ت: «ففعلوا» .
[٩] في الأصل: «ولم يعلموا» . وفي ت: «ولم يعلم أحد بحال الرجل» .
[١٠] تاريخ الطبري ٨/ ٢٨٩- ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>