للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلافة، فلم يزل محبوسا حتى توفي الرشيد، فأطلقه محمد، وعقد له على الشّام [١] .

وفيها: نقض صاحب الروم الصلح الذي كان جرى بين الذي/ قبله وبين المسلمين، ومنع ما كان ضمنه الهالك لهم، وكان سبب النقض: أن الروم كانت عليهم امرأة تملكهم، فخلعوها وملكوا عليهم نقفور، فكتب إلى الرشيد:

من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد: فإن الملكة التي كانت قبلي [٢] أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقا بحمل أمثاله إليها [٣] ، لكن ذلك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد [٤] ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالسيف بيننا وبينك.

فلما أن [٥] قرأ الكتاب استفزه الغضب، حتى لم يمكن أحدا أن ينظر إليه دون أن يخاطبه، وتفرق جلساؤه خوفا، واستعجم الرأي على الوزير [من] [٦] أن يشير عليه أو يتركه برأيه، فدعا بدواة وكتب على ظهر الكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم. من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه. والسلام.

ثم شخص من يومه، وسار حتى أناخ بباب هرقلة، ففتح وغنم، واصطفى، وخرب وأحرق، واصطلم. فطلب نقفور الموادعة على خراج يؤديه في كل سنة، فأجابه إلى ذلك، فلما/ رجع من غزوته، وصار بالرقة نقض نقفور العهد، وخان الميثاق، وكان البرد شديدا، فيئس نقفور من رجوعه إليه، فأتى الخبر بارتداده عما أخذ عَلَيْهِ، فلم يتهيأ لأحد إخباره بذلك إشفاقا عَلَيْهِ وعلى أنفسهم من الكرّة في مثل تلك الأيام، فاحتيل


[١] تاريخ الطبري ٨/ ٣٠٢- ٣٠٧. والكامل ٥/ ٣٣٠- ٣٣٣. والبداية والنهاية ١٠/ ١٩٣.
[٢] في الأصل، وت: «كانت قبل» .
[٣] في الطبري: «بحمل أمثالها إليها» .
[٤] في الأصل: «فاردده» .
[٥] «أن» ساقطة من ت.
[٦] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل،، ت. وأثبتناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>