للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُل ورجل، فخرج مائة خادم وخادم، في يد كل واحد منهم مجمرة [١] ذهب، فيها قطعة عنبر، فسجروا العود، وأقبل يحيى على القاضي فَقَالَ زوج ابن عمي هذا بابنتي عائشة فخطب وعقد النكاح، فأخذنا النثار من فتات المسك وبنادق العنبر وتماثيل الند، فالتقط النَّاسَ والتقط، ثم جاءنا الخدم في يد كل واحد منهم صينية فضة، فيها ألف دينار، مخلوط بالمسك، فوضع بين يدي كل واحد واحدة، فأقبل كل واحد يأخذ الدنانير في كمه، والصينية تحت إبطه، ويخرج، فبقيت وحدي، لا أجسر أفعل ذَلِكَ، فغمزني بعض الخدم وقَالَ: خذها [وقم] [٢] ، فأخذتها وقمت، وجعلت أمشي، والتفت/ [خوفا من أن يؤخذ مني،] [٣] ويحيى يلاحظني من حيث لا أفطن، فلما قاربت الستر رددت فيئست من الصينية، فجئت فأمرني بالجلوس، فجلست فسألني عن حالي فحدثته بقصتي، فبكى، ثم قَالَ: علي بموسى. فجاءه، فَقَالَ: يا بني، هذا رجل من أولاد النعم، قد رمته الأيام بصرفها، فخذه واخلطه بنفسك، فأخذني فخلع علي وأمر لي بحفظ الصينية فكنت في العيش يومي وليلتي، ثم استدعى [أخاه] [٤] لعباس وقَالَ: إن الوزير سلم إلي هذا، وأريد الركوب إلى دار أمير المؤمنين، فليكن عندك اليوم. فكان يومي مثل أمسي، وأقبلوا يتداولوني وأنا قلق بأمر عيالي، ولا أتجاسر أن أذكرهم، فلما كان اليوم العاشر أدخلت إلى الفضل بن يحيى، فأقيمت عنده يومي وليلتي، فلما أصبحت جاءني خادم فَقَالَ: قم إلى عيالك وصبيانك. فقلت: إنا للَّه، ذهبت الصينية وما فيها، فيا ليت هذا كان من أول يوم. فقمت والخادم يمشي بين يدي، فأخرجني من الدار، فازداد يأسي [٥] ، ثم أدخلني إلى دار كأن الشمس تطلع من جوانبها، وفيها من صنوف الآلات والفرش، فلما توسطتها رأيت عيالي يرتعون فيها في الديباج والستور، وقد حمل إليهم مائة ألف درهم، وعشرة آلاف دينار/، وسلم إلي الخادم صكا بضيعتين جليلتين، وقال: هذه الدار وما فيها والضياع لك. فأقمت مع البرامكة في أخفض عيش إلى الآن.


[١] في الأصل: «محمرة» .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٥] في ت: «أوياسى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>