للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان إسحاق بن غرير معجبا بعبادة جارية المهلبية، وكانت الجارية منقطعة إلى الخيزران أم المؤمنين، وهي ذات منزلة عندها/ قَالَ: فركب يوما عبد الله بن مصعب بن الزبير وإسحاق بن غرير إلى المهدي، وكانا يأتيانه في كل عشية إذا صلى الناس العصر، فيقيمان معه إلى أن ينقضي سمره، فلقيا يوما عبادة في طريقهما، فقال إسحاق بن غرير لعبد الله بن مصعب: يا أبا بَكْر، هذه عبادة التي كنت تسمعني أذكرها. وركض دابته حتى استقبلها، فنظر إليها، ثم رجع. فضحك عبد الله بن مصعب مما صنع. ثم مضيا فدخلا على أمير المؤمنين المهدي، فحدثه عبد الله بن مصعب حديث إسحاق بن غرير وعبادة، وما كان منه في أمرها تلك العشية، فقال لإسحاق: أنا أشتريها لك. وقام فدخل على الخيزران، فَقَالَ: أين المهلبية؟ فأمرت بها فدعيت لَهُ، فَقَالَ [لها] [١] : أتبيعيني عبادة بخمسين ألف درهم؟ فقالت: يا سيدي، إن كنت تريدها لنفسك فبها- فداك اللَّه- فَقَالَ: إنما أريدها لإسحاق بن غرير. فبكت وقالت: يدي ورجلي ولساني في حوائجي تنزعها مني لإسحاق بن غرير. فقالت الخيزران [٢] : ما يبكيك؟ لا يقدر والله إسحاق عليها. وقالت للمهدي: صار ابن غرير يتعشق جواري الناس. فخرج المهدي فأخبر عليها. وقالت للمهدي: صار ابن غرير يتعشق جواري الناس. فخرج المهدي فأخبر إسحاق الخبر، وأمر له بخمسين ألف درهم، فأخذها، فقال في ذلك أبو العتاهية/:

من صدق الحب لأحبابه ... فإن حب ابن غرير غرور

أنساه عباده ذات الهوى ... وأذهل الحب لديه الضمير

خمسون ألفا كلها وازن ... [خشن] [٣] لها في كل كيس صرير

وقال أبو العتاهية في ذلك أيضا:

حبك المال [٤] لا كحبك [٥] عبادة ... يا فاضح المحبّينا [٦]


[١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٢] في الأصل: «الخيزران» .
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وأضفناه من تاريخ بغداد.
[٤] في الأصل: «للمال» وما أوردناه من تاريخ بغداد.
[٥] في الأصل: «كحب» وما أوردناه من تاريخ بغداد.
[٦] تاريخ بغداد ٦/ ٣١٧، ٣١٨ وبعده:
لو كنت أخلصتها الوفاء كما ... قلت لما بعتها بخمسينا

<<  <  ج: ص:  >  >>