للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها: خرجت الروم إلى عين [١] زربة، وكنيسة السوداء، فأغارت وأسرت، فاستنقذ أهل المصيصة ما أخذوا [٢] .

وفيها: فتح الرشيد هرقلة [٣] .

وكان من خبر غزاة الرشيد أن الروم كانوا ملكوا امرأة لم يكن بقي في زمانها من أهل المملكة غيرها، فكانت تكتب إلى المهدي والهادي والرشيد بالتبجيل والتعظيم، وتهدي لهم، حتى بلغ ابنها، فجاءه الملك دونها، وعاث وأفسد، وتغير على الرشيد، فخافت على ملك الروم أن يذهب، لعلمها بسطوة الرشيد، فسملت عيني ابنها، فبطل ملكه، وعاد إليها، فعظم ذلك عند أهل مملكتها وأبغضوها، فخرج عليها نقفور- وكان كاتبها- فأعانوه وعضدوه، وقام بأمر الملك، وكتب إلى الرشيد:

من نقفور ملك الروم إلى الرشيد ملك العرب، أما بعد: فإن هذه المرأة كانت وضعتك وأباك وأخاك موضع الملوك، وإني واضعك بغير ذلك الموضع، وعامل على تطرق بلادك، والهجوم/ على أمصارك، أو تؤدي إلي ما كانت المرأة تؤدي إليك، والسلام.

فلما ورد الكتاب على الرشيد كتب جواب كتابه يَقُولُ:

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله هارون أمير المؤمنين إلى نقفور [٤] كلب الروم، جوابك عندي ما تراه عيانا، لا ما تسمعه.

وقد ذكرنا أنهم تكاتبوا نحو هذا في سنة سبع وثمانين، فشخص الرشيد إلى بلاد الروم في مائة ألف وخمسة وثلاثين ألفا من المرتزقة سوى الأتباع، فدخل بلاد الروم، فجعل يقتل ويسبي ويغنم ويعفي الآثار ويخرب الحصون، حتى نزل على هرقلة، وهي أوثق حصن وأمنعه، فتحصن أهلها، وكان لها خندق يطيف [٥] بها، فلما ألح عليهم


[١] في الأصل: «عير» .
[٢] تاريخ الطبري ٨/ ٣٢٠. والكامل ٥/ ٣٤٣. وتاريخ الموصل ص ٣٠٨.
[٣] تاريخ الطبري ٨/ ٣٢٠- ٣٢٢. والكامل ٥/ ٣٤١، ٣٤٢. والبداية والنهاية ١٠/ ٢٠٣.
[٤] في الأصل: «تقفور» وهي كذلك في بعض المراجع.
[٥] في الأصل: «يطف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>