للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعث إِلَى وزيره، فدعاه فَقَالَ: أَنْتَ استعملت هَذَا؟ قَالَ: لا، فدعاه، فَقَالَ: من استعملك، فقص عَلَيْهِ القصة، وأخبره بأمر البطيخ وأنهم قَالُوا لَهُ إنه لَيْسَ ها هنا أحد يعدل، فلما رأيت ذلك صنعت مَا ترى لينتهي إليك، فتغير وتنتبه لملكك [١] . قَالَ:

فمذ كم أَنْتَ عَلَى حالك [٢] ، فَقَالَ: سنين كثيرة حَتَّى صرت إِلَى الأَمْوَال الكثيرة [٣] ، فأمر بوزيره فضربت عنقه، واستوزر فرعون فسار فيهم بسيرة حسنة وأذاقهم فِيهَا طعم العيش لما كَانُوا فِيهِ قبل. يقضي [بالحق ولو عَلَى نَفْسه.

ثُمَّ] إِن الْمَلِك مَات، فَقَالُوا: من نستخلف؟ فاجتمع رأيهم فَقَالُوا: لا نستعمل غَيْر هَذَا الَّذِي أذاقنا طعم العيش، فملكوه عَلَى أنفسهم، فلم يزل عَلَيْهِم يموت قرن ويخلفهم آخرون، وتراخى به السن وطال ملكه حَتَّى ادعى مَا علمتم.

قَالَ علماء السير: قَالَتِ الكهنة لفرعون: يولد مولود فِي بَنِي إسرائيل يَكُون هلاكك عَلَى يده، فأمر بذبح أبنائهم، ثُمَّ اشتكت القبط إِلَى فرعون وَقَالَتْ: إِن دمت عَلَى الذبح فلم يبق من بَنِي إسرائيل من يخدمنا، فصار يذبح سَنَة ويترك سَنَة.

فولد هَارُون فِي السنة الَّتِي لا يذبح فِيهَا، وولد موسى بعده بسنة.

وَقَالَ قوم: بينهما ثَلاث سنين.

قال وهب: بلغني أَنَّهُ ذبح سبعين ألف وليد فلما حملت أم موسى بموسى لَمْ يتبين حملها وَلَمْ تعلم بولادتها إلا أخته مريم، فكتمته ثلاثة أشهر.

فلما ولد موسى دَخَلَ الطلب إِلَيْهَا فرمته فِي التنور فسلم، ثُمَّ خافت عَلَيْهِ، فصنعت لَهُ تابوتا وألقته فِي البحر فحمله الماء إِلَى أَن ألقاه بَيْنَ يدي فرعون.

فلما فتح التابوت فنظر إِلَيْهِ، قَالَ: عبراني من الأعداء، كَيْفَ أخطأه الذبح؟

فَقَالَتْ آسية: هَذَا أكبر من ابْن سَنَة، وإنما أمرت بذبح أولاد هذه السنة فدعه يَكُون قرة عين لي ولك.


[١] في المختصر: «ليس هاهنا أحد يعدل وينصف المظلوم من المظالم، فلما رأيت أن الأمر على هذا المنوال فعلت ذلك لعله ينتهي إليك لتعلم أحوال ملكك، فتغير وتنبه لأمره» .
[٢] في المختصر: «فمذ كم أنت تفعل هكذا» .
[٣] في الأصل: «فذكر سنين حتى صار إلى الأموال واتسع» . وما أوردناه من المختصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>