للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ فرعون لا يولد لَهُ إلا البنات، فتركه وأحبه.

ولما رمته أمه فِي اليم بكت وجزعت، فربط اللَّه عَلَى قلبها فسكنت وكانت تتوكف الأخبار، حتى سمعت أَن فرعون أخذ صبيا فِي تابوت فعرفت القصة، فَقَالَتْ لأخته- واسمها مريم، وَكَانَ لَهُ أختان: مريم وكلثوم: قصيه فانظري ماذا يفعلون بِهِ.

فدخلت أخته عَلَى آسية مَعَ النِّسَاء، وَقَدْ عرضت عَلَيْهِ المرضعات، فلم يقبل ثديا، فقالت أخته: هل أدلكم عَلَى أَهْل بَيْت يكفلونه لكم؟ قَالُوا: نعم، من هُمْ؟

قَالَتْ: حنة امرأة عمران، فبعثوا إليها، فأخذ ثديها فشرب ونام.

فلما انتهى رضاعه ردته إِلَى فرعون، فاتخذه يوما فِي حجره فمد بلحيته، فَقَالَ:

عَلِي بالذابح، فَقَالَتْ آسية: إِنَّمَا هُوَ صبي لا يعقل. وأخرجت لَهُ ياقوتا وجمرا فوضع يده عَلَى جمرة فطرحها فِي فِيهِ فأحرقت لسانه، فذلك قَوْله: وَاحْلُلْ عُقْدَةً من لِسانِي ٢٠: ٢٧ [١] .

وكبر موسى فكان يركب مراكب فرعون، ويلبس مثل مَا يلبس، وَكَانَ يدعى موسى بْن فرعون.

وإن فرعون ركب يوما وليس عنده موسى، فلما جاء موسى ركب فِي أثره، فوجد فِي المدينة رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ ٢٨: ١٥ أي: من بَنِي إسرائيل وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ٢٨: ١٥ [٢] يَعْنِي القبط. فاستغاثه الإسرائيلي عَلَى القبطي، فوكزه موسى فمات.

فندم موسى عَلَى قتله، وأصبح خائفا أَن يؤخذ [بِهِ] [٣] .

فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) ٢٨: ١٨ [٤] . أي: يستغيثه عَلَى آخر. وَكَانَ القبط قَدْ أخبروا فرعون بالقتل، فَقَالَ: إِن عرفتم قاتله فأخبروني، فلم يعرفوه، فلما أراد موسى أَن ينصر الإسرائيلي فِي هَذَا اليوم الثَّانِي ظن الإسرائيلي أَنَّهُ يقصده بالأذى، فَقَالَ: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ ٢٨: ١٩ [٥] .


[١] سورة: طه، الآية: ٢٧.
[٢] سورة: القصص، الآية: ١٥.
[٣] ما بين المعقوفتين: من الطبري.
[٤] سورة: القصص، الآية: ١٨.
[٥] سورة: القصص، الآية: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>