للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشرين ألفا، وصرت إلى يحيى بن خَالِد، فقال لي: كيف صنعت في بيع جاريتك؟

فأخبرته وقلت: والله ما ملكت نفسي أن أجبت إلى العشرين ألفا حين سمعتها. فَقَالَ:

إنك لخسيس، وهذا خليفة فارس قد جاءني في مثل هذا، فخذ جاريتك، فإذا ساومك بها [١] فلا تنقصها من خمسين ألف دينار، فإنه لا بد أن يشتريها منك بذلك.

قال: فجاءني الرجل فأسمت عليه خمسين ألف دينار، فلم يزل يساومني حتى أعطاني ثلاثين ألف دينار، فضعف قلبي عن ردها، ولم أصدق بها، فأوجبتها له بها، ثم صرت إلى يحيى بْن خَالِد، فقال لي: بكم بعت الجارية؟ فأخبرته، فَقَالَ: ويحك! أما تؤدبك الأولى عن الثانية. قلت: والله ضعف قلبي عن رد شيء، لم أطمع فيه. فَقَالَ:

هذه جاريتك فخذها إليك. قَالَ: جارية أفدت بها خمسين ألف دينار، ثم أملكها، أشهدك أنها حرة، وأني قد تزوجتها [٢] .

أَخْبَرَنَا [أَبُو] [٣] مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت الخطيب: وبلغنا أن الرشيد بعث صالحا صاحب المصلى إلى منصور بن زياد يقول لَهُ: قد وجب عليك/ عشرة آلاف درهم، فاحملها إلي اليوم، فإن فعل إلى ما قبل غروب الشمس، وإلا فخذ رأسه، وائتني به، ولا تراجعني. قَالَ صالح: فخرجت إلى منصور فعرفته، فقال: ذهبت والله نفسي، والله ما أتمكن من ثلاثمائة ألف درهم فضلا [عن] عشرة آلاف ألف. قال له صالح:

خذ فيما هو أعود عليك من هذا القول. فَقَالَ لَهُ: تحملني إلى أهلي حتى أوصي. فلما دخل إليهم ارتفع صياح الحريم [٤] والجواري، فَقَالَ لصالح: امض بنا إلى يحيى بن خالد، لعل الله أن يأتي بالفرج على يده. فمضى معه، فدخل على يحيى وهو يبكي فَقَالَ: ما لك؟ فقص عليه القصة، فأطرق متفكرا ثم دعى جارية فَقَالَ: كم عندك من المال؟

قالت: خمسة آلاف ألف درهم. فقال: أعديها. ثم وجه إلى الفضل فقال لَهُ: يا بني، كنت عرفتني أنك تريد أن تشتري ضيعة بألفي ألف درهم، وقد وجدت لك ضيعة تغل


[١] في الأصل: «ساومكها» .
[٢] تاريخ بغداد ١٤/ ١٣٠، ١٣١.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٤] في الأصل: «الحرم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>