فَقَالَ: قد وليتك الدينور، فأنشدني بيت مرثية نادر، فأنشدته:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه ... فطيب تراب القبر دل على القبر
فَقَالَ: قد وليتك نهاوند، فأنشدني بيت غزل. فأنشدته:
حب مجد وحبيب يلعب ... والقلب ما بينهما يذهب
ومن كلام المأمون:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو المعالي أحمد بن محمد البخاري قال:
أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه قال: أخبرنا أبو جعفر عبد الله بن إِسْمَاعِيل بن توتة/ قَالَ: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف قَالَ: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ محمد القرشي قَالَ: حَدَّثَني ابن هشام قَالَ: قال لي المأمون: يا عليّ، الملوك تحتمل لأصحابها كل شيء خلا ثلاث خصال. قلت: وما هن يا أمير المؤمنين؟ قَالَ: القدح في الملك، وإفشاء السر، والتعرض للحرمة.
وبلغنا أن المأمون جمع ولده يوما فَقَالَ: يا بني، ليعلم الكبير منكم إنما عظم قدره بصغار عظموه، وقويت قوته بضعاف أطاعوه، وشرفت منزلته بعوام اتضعوا لَهُ، فلا يدعونه تفخيم المفخم منهم إياه إلى تصغيره، وتعزيز أمره إلى تذليله، ولا تستأثرن بعائده ورفق دونه، ولا يولعن بتسميته عمدا كما سمت الأعاجم وليا وأخا، فإن الشيء الذي قوامه من أجزاء خسيسة، ومعان مذمومة، فهو أيضا خسيس مذموم، وكل أمر من أولئك جزء من عدده، وعماد من عماد أمره، فإذا انحلت أجزاؤه، وزالت دعائمه مال العماد، وتهدم الكل، وقد قِيلَ إن من ملك أحرارا كان أشرف ممن ملك عبيدا مستكرهين، يا بني، ارجعوا فيما اشتبه عليكم من التدبير إلى آراء الحزمة المجربين، فإنّهم مرآتكم يرونكم ما لا ترون، قد صحبوا الدهور، وكفوكم الأمور بالتجارب، وقد