للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: إن من جرعك مر التبري أشفق عليك ممن أوجرك حلق النقم، ومن خوفك لتأمن أبر ممن أمنك لتخاف.

وقَالَ: الإخوان ثلاث طبقات، فأخ/ كالغذاء الذي تحتاج إليه في كل يوم وفي كل وقت، وهو الأخ العاقل الأديب، وأخ كالدواء تحتاج إليه عند الداء، وهو الأخ الأريب الّذي يصادق المودة، وأخ كالداء الذي لا يحتاج إليه، وهو الأحمق.

وكان المأمون يَقُولُ: أعظم الناس سلطانا من تسلط على نفسه فوليها بمحكم التدبير وملك هواه فحمله على محاسن الأمور، وأشرب معرفة الحق فانقاد للواجب، فوقف عند الشبهة حتى استوضح مقر الصواب فتوخاه ورزق عظيم الصبر فهان عليه هجوم النوائب تأميلا لما بعدها من عواقب الرغائب، وأعطي فضيلة التثبت، فحبس عزب لسانه، ومما ينبغي الاحتياط فيه اختيار الكفاة من الأعوان، وإنزالهم منازلهم، والانتصار بهم على ما يطيقونه. وأنشد:

من كان راعيه دينا في حلوبته ... فهو الذي نفسه في أمره ظلما

ترجو كفايته والغدر عادته ... ومن ولايته يستجني الندما

وقيل للمأمون: أي المجالس أحسن؟ قَالَ: ما نظر فيه إلى النَّاسَ.

وبعث المأمون رجلا ليسبق الحاج [١] ، فجاء بعد جماعة وكتب إلى المأمون رقعة ليسأله فيها شيئا، وكتب عليها: سابق الحاج. فنقط المأمون تحت الباء نقطة أخرى وردها إليه [٢] .

ورفع [رجل] [٣] صوته في مجلسه اسمه عبد الصمد، فقال:

لا ترفعن الصوت يا عبد الصمد ... إن الصواب في الأسد الأشد

/ أخبرنا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُثْمَانَ الصابوني وأبو بكر البيهقي قالا:

أنبأنا أبو عبد الله الحاكم قَالَ: حدثني عبيد الله بن محمد بن عبد الرحمن الضبي قَالَ:


[١] في الأصل: «ليسبق الناس» .
[٢] «إليه» ساقط من ت.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>