للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت الهزيمة على محمد بن جعفر وأصحابه، فطلب محمد الأمان حتى يخرج من مكة فأمنوه.

ودخل إسحاق في جمادى الآخرة، وتفرق الطالبيون كل قوم في ناحية، ومضى محمد بن جعفر بجمع الجموع، وجاء إلى والي المدينة فخاصمه، فهزم محمد، وفقئت عينه، وقتل من أصحابه خلق كثير.

ثم رده قوم من الولاة إلى مكة، وضمنوا له الأمان، فرقا المنبر بمكة وقال: إنه بلغني أن المأمون مات، فدعاني الناس إلى أن يبايعوا لي، وقد صح/ عندي أنه حي، وأنا استغفر الله مما دعوتكم إليه من البيعة، وقد خلعت نفسي من البيعة. فخرج به عيسى بن يزيد إلى الحسن بن سهل، فبعث بن الحسن إلى المأمون [١] .

وفي هذه السنة: خالف علي بن أبي سعيد الحسن بن سهل، فبعث المأمون بسراج الخادم وقَالَ لَهُ: إن وضع يده في يد الحسن أو يشخص إلينا، وإلا فأضرب عنقه.

فشخص إلى المأمون [٢] .

وفيها: خرج هرثمة إلى المأمون، وكان قد أتته كتب المأمون أن يلي الشام والحجاز. فأبى، وقَالَ: لا أرجع حتى ألقى أمير المؤمنين، إدلالا منه، لما كان يعرف من نصيحته لَهُ ولآبائه، وأراد أن يلقى المأمون فيعرفه ما يدبر عليه الفضل بن سهل، وما يكتم عنه من الأخبار، وأن لا يدع المأمون حتى يرده إلى بغداد دار الخلافة وملك بني العباس، فعلم الفضل ما يريد، فقال للمأمون إن هرثمة قد أنغل عليك العباد والبلاد، وظاهر عليك عدوك، وعادى وليك، ودس أبا السرايا، ولو شاء هرثمة لم يفعل أبو السرايا ما فعل، وقد كتب إليه أمير المؤمنين عدة كتب: أن يمضي إلى الشام والحجاز، فأبى وقد جاء إلى أمير المؤمنين غاضبا، وأبطأ هرثمة في السير، فلما قدم ضرب الطبل لكي يعلم المأمون بقدومه، فَقَالَ المأمون: ما هذا؟ فقالوا: هرثمة [قد] [٣] أقبل يبرق ويرعد، وظن هرثمة أن قوله المقبول، فلما دخل قال له المأمون: مالأت أهل الكوفة والعلويين،


[١] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٥٣٧- ٥٤٠.
[٢] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٥٤١.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>